معجزات الأنبياء/ إعداد وتقديم : رجاء حسين

لصحيفة آفاق حرة 
الحلقة الثانية 
في الحلقة السابقة علمنا معنى الإعجاز لغويا، والسبب في وجود معجزات الأنبياء، وأن معجزة كل نبي كانت اختيارا معجزا في حد ذاتها، إعجازا إلهيا، من حيث اختيارها ومناسبتها لكل نبي ولمجتمعه، ولكن كيف ذلك؟

يخبرنا القرآن الكريم عن تلك المعجزات وكيف أن بعض الأنبياء كان يُطلَب منه معجزة محددة، كما حدث مع نبي الله صالح عليه السلام؛ عندما طلب منه قومه أن يخرج لهم ناقة من الجبل حتى يصدقوا أنه نبي،
(إنا مرسلوالناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر) 7 سورة القمر، وسيدنا سليمان عندما طلب من الله أن يهبه ملكا لاينبغي لأحد من بعده،
(رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) 35 سورة ص،
فعلمه الله لغة الطير والحيوان والحشرات وسخر له الجن يأتمرون بأوامره، ثم معجزة نقل عرش بلقيس من اليمن، بينما جاءت المعجزات لأنبياء آخرين بدون طلب من أقوامهم، وكانت كل معجزة تمثل بصمة نبوية خاصة به، دونا عن بقية الأنبياء؛ حيث اكتسبت تلك البصمة خصوصيتها من خصوصية قومه وبراعتهم في أمر ما؛ فجاءت معجزة كل نبي منهم تحديا معجزا لهم، عصيا على التحدي، غير قابل للتقليد والمحاكاة، مهما حاولوا تسفيه الأمر، فتتحول المعجزة إلى حجة عليهم إن لم يؤمنوا برسولهم، وهذا من وجوه الإعجاز، عندما تكون المعجزة من نوع العمل الذي يبرع فيه قوم النبي، حيث يفشل كل من يتحدى النبي في إعادة الفعل نفسه، بالرغم من إتقانهم وبراعتهم؛
وقد تمثل ذلك واضحا في معجزة سيدنا موسى عليه السلام؛ حيث كان قومه بارعين في السحر وفنونه، فجاءت معجزته من جنس براعتهم، ثم وقفوا مبهوتين أمام معجزته، حيث تحولت العصا في يده إلى حية تسعى، لتبتلع ما ألقاه سحرة فرعون من عصي وحبال،
(فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) 32 سورة الشعراء، فسارع السحرة بالإيمان بدعوته في تحدٍ واضح لفرعون وجنوده،
(وألقي السحرة ساجدين، قالوا آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون) 120/ 122 سورة الأعراف،
هذا بخلاف معجزاته الأخرى، كتحول لون يده إلى بيضاء عندما يضعها في جيبه، وكانت معجزة انفلاق البحر بعصاه إلى قسمين وبينهما طريق يابس لينجو موسى وقومه، وماحدث بعد ذلك من عودة البحر لحالته الأولى لإغراق فرعون وجنوده، وما تبعها من معجزة حفظ جسد فرعون: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) 92 سورة يونس،
وذلك ليكون شاهدا على معجزة موسى عليه السلام، كما سنرى بالتفصيل فيما بعد، والأمر المهم الذي لابد من ملاحظته فيما سبق أن المعجزة عندما تحدث وخصوصا إذا كانت استجابة لطلب القوم فإننا نجد أن عدد من آمنوا بها لا يتناسب مع عظمة تلك المعجزة، مما يؤكد أن طلبهم من رسولهم لم يكن إلا تحديا ومجادلة لمحاولة إثبات أنه على خطأ، وبالتالي تصبح المعجزة حجة عليهم وإثباتا أشد على مدى كفرهم، بدلا من أن تكون نورا لهدايتهم واتباعهم لنبيهم، ومع معجزات أخرى للأنبياء عليهم السلام لنا لقاء جديد
وحتى يتجدد اللقاء مع لآلى الحروف وروعة الإعجاز في القرآن نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه دمتم في رعاية الرحمن

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!