اللى يصبر / بقلم : آمال الشريف

 

اصحى ياسى محمود يوه  سى محمود   بقينا الضهر. محمود  صائحا بصوت أجش بتأثير النوم اطلعى بره سيبونى انام. ست الحاجة باعتانى أصحيك. ألمح أمى متجهة للمطبخ مرورا بالصالة التى أقف بها اتسمع مايدور من حديث بين زوجة عم محمد النجار والتى كانت تأتى يوميا لتساعد امى فى تنظيف البيت ولقضاء حوائجها من السوق.  كانت الوحيدة التى تستطيع إفاقة محمود من نومه العميق ثم تشرع فى ترتيب غرفته وإتيانه بالإفطار قبل أن يذهب إلى الجامعة. كان هذا السيناريو يدور يوميا، وكنت أخشى من طباع اخى الحاده وهو يصرخ فيها بخاصة عندما توقظه مخافة أن تغضب أو تمتنع عن المجئ للمنزل ثانية ، فقد كانت صديقتى التى لاأخشى من سؤالها عما يعن لى مما لاأعرفه ولا أستطيع أن أسأل فيه أخى أو أمى وكانت هى أحيانا تتطوع بكلام ومعلومات تجعل وجهى يتورد خجلا. كنت أطمئن عندما اجد أخى أحيانا يلاطفها وهى بغرفته وأسمع صوت ضحكاتها المكتومة . كانت فوزية إمرأة شابة جميلة عفية دائمة البشاشة ذات شعر يميل للون الذهبى، متوردة الوجه بعكس زوجها الهزيل المعتل الذى كان نادرا مانراه مبتسما. كان دائم الترددعلى البيت هو الأخر إذا ماإحتاجت أمى لإصلاح شىئ ما او لأعمال نجارة. كثيرا ماكنت أسمع دعاء أمى لهما ،أن يرزقهما الله بالخلف الصالح ، وحينها فقط كان يعلو وجه فوزية الحزن والالم ،وأسمعها ترد باإنكسار ربنا كبير ياست الحاجة . أما عم محمد فكان وجهه يلتوى ناظرا لفوزية ولايفوته أن يصيح فيها، هى بس تشد حيلها كده ! وألله أتجوز عليها وأجيب العيل اللى نفسى فيه. وكانت أمى تصيح ضاحكة ربما لتسرى عنها بقالك عشرين سنة وإحنا مابنسمعش غير الكلمة دى   يامحمد ربنا كبير ،قادر يراضيكوا إنشاءالله. كنت أسأل أمى معقولة بعد عشرين سنة ممكن يجيبوا عيل؟ متطلعة للأعلى مايكترش على ربنا ثم تتنبه وتنهرنى آمرة إياي بعدم التدخل فيما لايعنينى والإنصراف إلى دروسى. كنت أدعو فى سرى دائما أن يمن الله على فوزية بالعيل اللى عم محمد نفسه فيه حتى لايتزوج عليها. إقترب العام الدراسى من نهايته وإنشغلت بالإمتحانات وإنقطع مجئ فوزية عن البيت مدة ليست بالقصيرة وكنت إذا ماسألت امى عنها أتتنى الإجابة أنها مريضة وستأتى حالما تشفى. إجتزت الإمتحانات بنجاح وإنتقلت للقاهرة للألتحاق بالجامعة. أنشغلت بالدراسة ،وإنقطعت صلتى بالبلد خاصة بعدما إنتقلت أسرتى للإقامة معى. كانت أمى تتردد على البلد بين وقت وأخر إلى أن زفت لى المعجزة التى تتحدث عنها قريتنا. صاحت أمى بفرح الحمد فوزية ربنا كرمها ،بعد عشرين سنة جابت الولد اللى كانوا نفسهم فيه لأ وإيه وبضحكة مكتومة زى القمر الحمد لله ماطلعش شبه ابوه. مرت السنوات سريعا وتاقت نفسى لزيارة القرية ورؤية فوزية التى أوحشتنى كثيرا. صحبت أمى فى إحدى زياراتها للبلد. مر يومان منذ أن أرسلنا فى طلب فوزية. هى فوزيه مابقتش تيجى هنا ولا إيه؟ والله يابنتى هى بطلت تيجى، معرفش  بتقول جوزها محرج عليها تشتغل لأجل ما تقعد تراعى الولد. ربنا يعينها على ربايته، مين كان يصدق أن فوزية تخلف بعد عشرين سنة !!. ذهبت لأرى فوزية بمنزلها، احسست بوقع المفاجأه بأكثر مما شعرت بفرحتها بوجودى بإندفاع وفرحة سألتها عن إبنها وكيف مرت سنوات ثلاث مذ رأيتها ولهفتى لرؤيتها ورؤيته. إعتذرت بأنه نائم وبإنها ستأتى به لمنزلنا لتراه الحاجة أيضا. أثناء خروجى إندفع طفل آتيا من الخارج، مصطدما بى، صاحت به فوزية إنت خرجت إمتى؟ سلم على الأبلة، إحتضنته بفرحة متأملة إياه، كان بالفعل لا يشبه أباه فقد ورث من أمه جمالها أيضا ملامح بدت لى مألوفة . فى طريق عودتى للمنزل تذكرت أن ملامحه تشبه صوره طفل فى البوم أسرتنا. هل مايقال عن الوحم صحيح ؟ .. أم إنه يخلق من الشبه أربعين.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!