المحطة الثامنة و التاسعة  (من مغامرات لورين و شريف)

يوسف بولجراف ( المغرب )

تذكرت  یوم نزلت أنا و لورین بآلة الزمن في بلدة الحلوى! مدینة غابرة في الزمن مصنوعة كلها من الحلوة و الشوكولاتة ! اعتقدنا في الأول أن حتى

السكان دمى حلویات و فعلا روحهم قشدة طریة قلبهم أبیض حلیب رحبوا بنا كثیرا ، صادفنا عند دخول المدينة أشغال تهيئة الطريقة ، شاحنات تنقل سلو أو ما  يصطلح عليه أيضا  السفوف في بلاد المغرب الأقصى هو   دقيق محمص معجون مع عسل السكر والزنجلان و النافع و حبة حلاوة و مقادير أخرى من فواكه جافة مطحونة ،تخلطه  في ماكينة أخرى خاصة  و يعجن ثم تحمله جرافة و يوضع على الرصيف  ثم يدك بآليات أخرى بعدها تمر ناقلة خاصة بورقة من الجيلاتين المقوى لتحميه من أرجل المارة ، و يبقى الرصيف مزين ب ملاعق كبيرة فيها إشارات ضوئية ب أسماء الأزقة ! كل اسم يدل على الشارع بمكوناته ، مررنا على زنقة  الزميتة  و كأننا على شاطئ البحر ثم إلى الشارع الرئيسي المذكوك جيدا ب عجينة حلوى جبان  “كول  و بان “! و هي  شكل من الحلوى توضع في أعمدة لكنها وضعت بالشارع مغلفة في بساط  حتى باب قصر البلدية   كانت كل الطرق تبدو  أية في الجمال و شهية !   استضافنا العمدة عنده و نزلنا في قصر الضیافة ، كان القصر كله شوكلاتة و أثاث  زخرفته مصنوعة من كل أنواع و أشكال   فطائر الحلويات المعجنة و لا فریوندیز  مطل على مسبح من الكریمة شانتییي و حديقة من كعكة الغابة السوداء “فوري نوار” تتوسطها نافورة عصائر مختلفة على حسب الألوان ،  لم تستطع لورین

مقاومة نفسها و أطلقت العنان لشهیتها و شراهتها “ساكورموندیز” تصعد تأكل تنزل تاكل و تأكل من السلالم و الأدراج و لم تسلم حتى النوافذ المصنوعة من زجاج السكر المصفى  المسقي بنكهة الفستق! أما الصالون و الكنبات كانت تنزل إلیهم  خلسة بعدما ننام و تأكل بنهم ، عندما تذوقت من السریر عرفت السر كانوا من فلون حلوانیة ألزا ! لا أخفیكم الأمر أنا أیضا كنت آكل بدون إثارة الإنتباه و أكلت تقریبا كل الأفرشة و الأغطیة و الأروقة كانت مثل شعر البنات تذوب في الفم ،

مكثنا هناك أسبوعا تقریبا لم یبق في القصر أثات و أصبح شكله معتوه مشوه و یظهرغیر مكتمل كله مقضوم ! راقها الجو كثیرا و لم نخرج من

المدینة حتى أصبحت كلها مبرقعة ، كعشب ملعب غیر مسقى جیدا و كثیر هنا و قلیل هناك كأن حشرة أكلته و رصیف مقلوع ، علامات تشویر غیر

مفهومة و أكثر ما كان یعجبها قنادیل الإنارة في الشارع العام تتسلق فوق ضهري لتصل حتى المصابیح تقول لي فیها مذاق واوعجيب   لا یقاوم مصنوعة من الكاكاوو الفستق ك الآیسكریم ، انزلي بسرعة كي لا نثیر الإنتباه و ذوقیني معاك… خرجنا من المدينة خفية حتى لا نثير إنتباه مضيفينا ، لأنا شعرنا أن ما قمنا به هو غير لائق ! ركبنا الآلة   كتبت لنا في لوحة القيادة  لاعليكما  هذه المدينة هي دائمة التجديد  و ليست عليكما ملامة   ، المدينة  تجدد نفسها بنفسها !

مرة أخرى لم أستطیع التحكم في الإتجاه الصحیح ، و تخرج الآلة الزمنیة عن سیطرتي مجددا !- إنها لیست وجهتنا و لا الحقبة و المكان ، لاحظت

أیضا إرتباك كلي لآلة و لم أفهم ، ربما هي نفسها لم تعد تتحكم في آلیاتها و فقدت الإرادة ، شيء ما یجلبها إلى ذلك الإتجاه أو بالأحرى أصوات و نغم

! ربما كان حنین و هي تضع إشارات قلوب على الشاشة ! و النغم لم یكن غریبا عني كانت أهازیج تشبه فولكلور من منطقة المغرب الشرقي و

غرب الجزائر ، أغلبه ضربات دف على إیقاع البنذیر و فقط دف دف دف دف طق زطق و كأنه إحتفال عرس، دفوع أو عقیقة ! طلبت من الآلة

مجددا تحدید الحقبة و المكان ! لم تجب في الحال و كأنها مسحورة و مهتمة للصوت أكثر ! ثم أعدت السؤال ف أشارت لحقبة سیدنا داوود و المكان

مجهول ! تساءلت إذن نحن في جهة فلسطین ! أجابت ربما ! لكني لا یمكن أن أحدد المكان ب الضبط ! على الأرجح هو نفسه المكان الذي یبحث

عنه في الدیانة الیهودیة منذ آلاف السنین أين یجود محراب سیدنا سلیمان ! و لوأننا لسنا في حقبته لكنه هو نفسه المكان ! نزلنا نستطلع الأمر و إذا

ب أضواء داخل قصر بدیع ! كله یلمع و نقوش و زخرفة مذهلة ، كان الوقت لیلا و الجو حار و لم یكن الضوء عادي فكل المكان یشع نورا لم نعرف

مصدره ینیر من كل الجدران ، عند دخولنا بدأنا نشعر بقشعریرة تنتابنا كان الجو باردا رغم حرارة الجو خارجا حتى أن لورین بدأت ترتجف !

أعطیتها معطفي و أكملنا السیر حیث یصدر النغم ، كان یأتي من الطابق العلوي صعدنا الأدراج إلى أن فتحت لنا باب كبیرة ! فوجدنا إحتفالا كبیرا و

أشخاص ترقص و لا أحد یبالي بنا ! موائد أكل من كل الأصناف و مشروبات ، إقتربت لأحدهم لأسأله لكن شيء ما یمنعني و كأن مغناطیس یمنعني من الإقتراب منه ! أحدهم من بعید إبتسم لنا و أشار لنا بالجلوس ! ثم بإشارة أخرى من یدیه كنا على مائدة مملوءة ملذات ، فهمت أنه یطلب منا

الإستمتاع و یضایفنا ، لم نشعر بالوقت و نحن نأكل مالذ و طاب و نرقص على نغمات البندیر ، حتى تقدمت إلینا فتاة جمیلة على مسافة مترین طلبت

أن نتبعها ، وصلنا حیث العرسان اقتربنا لمجلسهما و أخذنا صورة تذكاریة معهما على ید رسام ، أخرج لوحة إبداعیة بیده في رمشة عین ، انبهرت

لفنه و حتى آلة التصویر لا تسطیع فعلها و أكثر من ذلك بممیزات السناب شات ، كانت لورین رائعة فیها ب أذني و أنف أرنب ، كم ضحكت كثیرا و

ما أضحكني أكثر تلك القرون التي بدت على العروسین إلا نحن ! مر الإحتفال رائعا و الأكل أروع ولو كان ینقصه غیر الملح ، ثم شربنا حد الثمالة، و لم نشعر حتى أخذ النوم من جفونینا بعد تثاؤب مسترسل ! في الصباح عندما استیقظنا وجدنا أنفسنا مستلقین داخل الآلة فقالت لي لورین یا له من

حلم ! لتقص علي نفس ما حلمت به ! فسألت الالة و أنا لا أتذكر شيء ، و هل كان فعلا حلما ! كتبت بالنفي ” لقد كنتما في إستضافة أبناء عمومتي

من الجن ، إنها نفسها الشجرة التي ینتمي إلیها أسلافي من السماء ! قلت لها إذن هي حقیقة ! سأنزل إلیهم و أشكرهم ! ضحكت الآلة و قالت لي لك

ما شئت ! و إنتبه إلى الأدراج فانتما أمس لم تصعدا إلى الطابق العلوي بل كنتما تنزلا إلى القبو في داخل الأرض ، كل طبقة صعودا هي كانت

نزولا هههه ، نزلت وحدي و تركت لورین ، و یا لاندهاشي ! لم یكن القصر قصرا كما دخلناه و وجدناه أین إختفى؟ لقد كان المكان قفرا و مكان

القصر خرابا كمكان من أثار قصر قدیم ! بالباب الشاهق و على النوافذ أعشاش عناكب ! و كثیر من الجردان و الفئران ، و أین كل تلك الزخرفة و

تلك الأضواء و السقف مصدع و لا أثر لأیة أدراج ، إكتشفت أننا فعلا كنا في إستضافة إحدى الأجناس المذكورة في القرآن الكریم و عدت أدراجي.

—-

تأتيكم في المحطة القادمة :

فما كان عن لورین سوى أن طلبت توقیف الالة للتعرف على حضارة المایا القدیمة ! //..ثم فجأة هجمت علیهم خفافیش أحدهما أصیب في مقتل و مات لكن الاخر یعیده مجددا إلى الحیاة ذهلنا للمشهد ثم تبعناهما بخطى دون أن یشعرا بنا ..///بعد أن رصدت لنا الآلة مكان الحذاء ، زودتني بساعة ذكیة تحسب المسافات و تمسح الأرض طبوغرافیا ! في الحقیقة ما أنقذنا من جیش الأشجار هوحذاء لورین !…///..أهذا وقت الضحك یا شیریف ! أجبتها : أنت لم تقرئي رسالة رئیس الحكومة رده علي  و أیضا لقد قلتي أن المرأة الشجاعة هي من تنقذ نفسها بنفسها ! ///وسمعنا وراءنا أصواتا تقترب ! كان یجب أن نفتحه قبل أن یصلوا إلینا ، كان بابا حجریا سمیكا محكم الغلق/// …و بدأوا بالبحث في كل إتجاه عن القرابین حیث أمرهم الإله توهیل كبیر آلهة قبائل الكتشي بتعویض لورین بقرابین أخرى مكانها… و إلى الحلقة القادمة بإذن الله

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!