إنه يهطل بلا توقف
هذا الوقت لم يعد يسيل ..صار يتشظى في كل اتجاه .. ثم يتساقط كلمات و حروف من ضوء ..
.
كان شوبنهاور يتسكع على خط واضح ، يقول لي بلغة الواثق :
“من الناذر أن نفكر في ما نملك ، بل نحن نفكر
.دائما في ما ينقصنا ”
.
ما رأيك أن ما نملكه يدفعنا بإلحاح شرير إلى رميه و البحث عن تعويض متخيل عنه .. و إلا هل التعب في التيه اختيار بشري ضروري ..
و على طرف الخط : كان Sting .
يردد : so fragil wereare .
ربما هو عقلي الذي أصيب بالكركبة . فاختلطت أدراجه .
أليس اختبال الخطوط خبل عضوي ؟ و الخبل درجة من درجات الجنون ؟
هل أسير إذن في الطريق الصحيح .هههههه
.
في هذه اللحظة التي كنت أريد توثيق ما يدور بدماغي ؛ اعتبارا لضيوفه الأجلاء الءين تقدمهم شوبنهاور على الإفطار .. و تدخل صوت يدندن في رأسي بأغنية STING .
ارتفع صوت بالخارج يشتم و يلعن و ينبح بألفاظ نابية ..جعل شوبنهاور برأسي يجفل و يختفي ..
ليطل منيف يذكرني بسخرية بالغة :
هذه الرتوش التي تعكينا وهم التحضر مجرد رتوش تكنسها أقل ريح تعب من صحراءنا العتيدة .فانبرى نزار للتصفيق و أنشد :
لقد لبسنا ثوب الحضارة و الروح جاهلية ..
هل يعتقد نزار فعلا بمصطلح الجاهلية كما ألصق بوعينا الجمعي ؟؟
ياله من متلون إذن هههه.
أما أنا فلوحت للجميع ليهدأوا قليلا ، و قمت لأطل من النافءة ( الشرجم) كي أعطي لنفسي رغبتها في متعة الفرجة المجانية على حالة انفلات بشري بلا أصباغ ..
.فالتبركيك حاجة نفسية أساسية لتحقيق التوازن
.
المهم و أنا أتفرج على الشخص الذي لم أعرف من يخاطب بلعناته و صراخه الهستيري ؛
نط شتراوس إلى المشهد و رسم أمامي إنسانا في حالة بدائية يجري وسط غابة عذراء ..يطارد غزالا برمح خشبي ، و يعوي كذئب و الشرر يتطاير من عينيه .. و حالما أصاب الغزال و رأى الدم يسيل من جنبه حتى أخذ يركض بحبور نحوها و كله بهجة بانتصاره الرخيص ..قال لي ستراوش : شهوة الصيد لم تبرحنا أبدا ..غيرنا فقط الوسائط .. و حين ننهزم نلعن الغابة كلها . ربما هذا المزعج الذي يصرخ وسط بنايات حي لا يسكنه لم يصل إلى قتل طريدته ..
.
مسحت الصورة قائلة : ياربي يحضر السلامة . الله يسترنا دنيا و آخرة .
ففكرت أن أرد على ليفي ستراوش ، لكنه اختفى بكل بساطة . فمن عادة من هو مثله أن يثير المشاكل في العقل و يختفي ..
لكني سأقول على كل حال ، من حقي الرد حتى و إن لم يسمعني إلا نفسي : فأقول : كلما كانت الطريدة سهلة و قريبة كان الضجيج أعلى ، و كلما كانت الغابة ضيقة استحوذ عليها الصوت الواحد .
و بالعكس كلما علت الطريدة كان طريقها الهدوء و التأمل ..و كلما اتسعت الرؤية اتسعت الغابة و انسجمت فيها الأصوات المختلفة ..
..
فطوري مازال على المائدة ..لكني لما عدت إليه . وجدت عبدالوهاب الدكالي يردد : ما انا إلا بشر ، عندي قلب و نظر ..
..
ابتسمت للجميع قائلة : ما أجمل التواضع !
.
خف صوت الرجل الغاضب بالشارع ؛ و أخذ شوبنهاور يحتسي قهوته بالشرفة ..و جلس نزار تحت شجرة على كرسي بحديقة غائمة .
و فتحت الهاتف لأكتب لكم هذه اللحظة ..
و أخذ الهطول لونا آخر ..في اتجاه المطبخ .
.
.