صباح خفيف / بقلم : أمينة الصنهاجي

إنه يهطل  بلا توقف

هذا الوقت لم يعد يسيل ..صار يتشظى في  كل  اتجاه .. ثم يتساقط كلمات و حروف من ضوء ..

.

كان شوبنهاور يتسكع على  خط واضح ، يقول لي بلغة الواثق :

 

“من الناذر أن نفكر في ما نملك ، بل نحن نفكر

.دائما في ما ينقصنا ”

.

ما رأيك أن ما نملكه يدفعنا بإلحاح شرير إلى رميه و البحث عن تعويض متخيل عنه .. و إلا هل التعب في التيه اختيار بشري ضروري ..

و على طرف الخط : كان Sting .

يردد : so fragil wereare .

ربما هو عقلي الذي أصيب بالكركبة . فاختلطت أدراجه .

أليس اختبال الخطوط خبل عضوي ؟ و الخبل درجة من درجات الجنون ؟

هل أسير إذن في الطريق الصحيح .هههههه

.

في هذه اللحظة التي كنت أريد توثيق ما يدور  بدماغي ؛ اعتبارا لضيوفه الأجلاء  الءين تقدمهم شوبنهاور على الإفطار .. و تدخل صوت يدندن في رأسي بأغنية STING .

ارتفع صوت بالخارج يشتم و يلعن و ينبح بألفاظ نابية ..جعل شوبنهاور برأسي يجفل و يختفي ..

ليطل  منيف يذكرني بسخرية بالغة :

هذه الرتوش التي تعكينا وهم التحضر مجرد رتوش تكنسها أقل ريح تعب من صحراءنا العتيدة .فانبرى نزار للتصفيق و أنشد :

لقد لبسنا ثوب الحضارة و الروح جاهلية ..

هل يعتقد نزار فعلا بمصطلح الجاهلية كما ألصق بوعينا الجمعي ؟؟

ياله من  متلون إذن هههه.

أما أنا فلوحت للجميع ليهدأوا قليلا ، و قمت لأطل من النافءة ( الشرجم) كي أعطي لنفسي رغبتها في متعة الفرجة المجانية على حالة انفلات بشري بلا أصباغ ..

.فالتبركيك حاجة نفسية أساسية لتحقيق التوازن

.

المهم و أنا أتفرج على الشخص  الذي لم أعرف من يخاطب بلعناته و صراخه  الهستيري ؛

نط  شتراوس إلى المشهد و رسم أمامي إنسانا في حالة بدائية يجري وسط غابة  عذراء ..يطارد غزالا برمح  خشبي ، و يعوي كذئب و الشرر يتطاير من عينيه .. و حالما أصاب الغزال و رأى الدم يسيل من جنبه حتى أخذ يركض بحبور نحوها و كله بهجة بانتصاره الرخيص ..قال لي  ستراوش : شهوة الصيد لم تبرحنا أبدا ..غيرنا فقط الوسائط .. و حين ننهزم نلعن الغابة كلها . ربما هذا  المزعج الذي يصرخ وسط بنايات حي لا يسكنه لم يصل إلى قتل طريدته ..

.

مسحت الصورة قائلة : ياربي يحضر السلامة . الله يسترنا دنيا و آخرة .

ففكرت أن أرد على ليفي ستراوش ، لكنه اختفى بكل بساطة . فمن عادة من هو مثله أن يثير المشاكل في العقل و يختفي ..

لكني سأقول على كل حال ، من حقي الرد حتى و إن لم يسمعني إلا نفسي : فأقول : كلما كانت الطريدة سهلة و قريبة كان الضجيج أعلى ، و كلما كانت الغابة ضيقة استحوذ عليها الصوت الواحد .

و بالعكس كلما علت الطريدة كان طريقها الهدوء و التأمل ..و كلما اتسعت الرؤية اتسعت الغابة و انسجمت فيها الأصوات المختلفة ..

..

فطوري مازال على المائدة ..لكني لما عدت إليه . وجدت  عبدالوهاب الدكالي يردد : ما انا إلا بشر ، عندي قلب و نظر ..

..

ابتسمت للجميع قائلة : ما أجمل التواضع !

 

.

خف صوت الرجل الغاضب بالشارع ؛ و أخذ شوبنهاور يحتسي قهوته بالشرفة ..و جلس نزار تحت شجرة على كرسي بحديقة غائمة .

و فتحت الهاتف لأكتب لكم هذه اللحظة ..

و أخذ الهطول لونا آخر ..في اتجاه المطبخ .

.

.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!