غلاسكو الرواكيب/ حجازي سليمان

في وقت من الأوقات كان أبي تاجر طماطم، كنت اركب خلفه على

الحمار ونذهب إلى جنينة قريبة من قريتنا، نشتري (صفيحتين) ثم نعود إلى البيت محملين برائحة الجنة وعبق الطيبين، على طول الرحلة كنت استمتع جداً وكأني على متن قطار من بريستول إلي غلاسكو، سعادتي في الأمآن والإطمئنان الذي كنت احسه وأنا رديف أبي.
ذات يوم وصلنا البيت وبعد أن أكلنا (كسرة) بطماطم وشرينا الشاي، اخذ أبي يعد في سوقه، كان يفرش الطماطم في (شوال) في ظل الراكوبة.
وقبل أن يأتي زبوناً واحداً، وصل أقارب لنا من قرية قريبة من قريتنا، أتوا بعربية حديثة جداً، نزلوا بدارنا ثم لم نتفاجأ، كنت سعيداً وأبي يشرح لهم طريقة عمله وكيف يجلب الطماطم من الجنينة ثم يبيعها لأهل القرية.
المرأة الأكثر ملاحة قالت لأمي: “بعد ولدك يكبر ح نعرس ليه بتي دي”.
شبت نار أضاءت مابيننا من مساحات، فراشات الهوى تطوف حولها ولم تحترق.
مضى الزمن سريعاْ وكبرت أنا وكبرت تلك البنت التي كان وجهها يختبئ في ظلام خصلها ولكنه يومض،
لم ينفطر قلبي عندما تمت دعوتنا لزواجها،
بعدها ضحكت ملء فراغات القصب في راكوبتنا.
ذات يوم زارتنا جل همها أن تتفقد ذاك الطفل الذي يجالس أبيه وعيناه تتجولان في مواسم الربيع عند ضفاف الوجن!
كان قلبها يرقص على أثر كلمات أمها الباقية!!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!