الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الاديب محمّد محمّد الخطّابي في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء وأسئلة: إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الاسبوع الاديب محمّد محمّد الخطّابي
(1) كيف تعرّف نفسك للقراء في سطرين؟
محمّد محمّد الخطّابي مواطن مغربي رأى النّورفى مدينة تطوان العامرة، ولكنّ أصوله وجذوره ضاربة بعمق فى ثرىَ أرض الرّيف الزّاهرة الحصينة ، وبالضبط فى حاضرة أجدير الفيحاء.
(2) كل مرحلتك الدراسية تمت خارج المغرب، حدثنا عن الأمر.
البداية كانت فى تطوان أيّام الطفولة الأولى، ثمّ الحسيمة، ثمّ تطوان من جديد ، وبعد ذلك جاءت مرحلة القاهرة،فمدريد،وأمريكا اللاتينية ، لم أكن أتصوّر قطّ أنّ ذلك الفتى اليافع المغمورفى جبال الرّيف الشامخة، الغضّ الإهاب، الطريّ العود، فى مقدوره أن يشقّ طريقه بإصرار وثبات فى أرض وعرة التضاريس، خطرة المسالك، بين آجام كثيفة من الصعوبات، والحواجزالتي كانت تبدو للرّائي فى ذلك الإبّان وكأنّها كثبان عالية، وآكام شاهقة ليس من السّهولة واليُسر تخطّيها وتجاوزها،هذا يجعلني أكثرقناعة وإيماناً اليوم بالقولة المأثورة : من جدّ وجد، ومن زرع حصد.
(3) ماذا تقرأ الآن وماهو اجمل كتاب قرأته ؟
هذا سؤال وجيه، وجوابه يشكّل مفاجأة غريبة وسارّة لي في آنٍ واحد ، الكتاب الذي أنا بصدد قراءته الآن يعود للكاتب البراغوائي الكبير إدواردو غاليانو وهو تحت عنوان ( شرايين أمريكا اللاّتينية المفتوحة) في الواقع أعيد قراءته من جديد بعد أن قرأته منذ بضعة سنوات،والغريب أنّه من أجمل وأعمق الكتب التي قرأتها غداة وصولي إلى المكسيك أوائل التسعينيات من القرن الفارط، هناك كتاب لنفس المؤلف بعنوان ( مذكّرات النار ) في ثلاثة أجزاء ولقد قرأت هاذيْن الكتابيْن باللغة الاسبانية بطبيعة الحال ، وكتبت عنهما غير قليل من المقالات في مجلاّت وجرائد عربية ودولية مرموقة.
(4) متى بدأت الكتابة ولماذا تكتب؟
بدأت الكتابة في شرخ الشباب وريعانه أواسط الستينيات من القرن الفارط في القاهرة على وجه التحديد حيث كنت أشرف على القسم الأدبي لجريدة ( الطلاّب ) التي كانت تصدر بجامعة عين شمس حيث تابعت دراستي العليا، ولقد فزت في ثلاث مسابقات على الصعيد الجامعي المصري في: القراءة الحرة، والقصّة القصيرة، والبحث الموجز، وبعد ذلك تعاطيت الرجمة التي كانت تأخذ بمجامعي فهي فنّ رائع من فنون القول والإبداع، ، وترجع تجربتي معها إلى سنوات بعيدة خلت حيث كنت شغوفاً بترجمة الأشعار، والقصص، والمقالات التي تروقني منذ عملي خبيراً في مكتب تنسيق التعريب التابع لجامعة الدول العربية ومشرفاً على أبواب ثابتة فى مجلته” اللسان العربي” حيث ترجمت بحوثاً ودراسات فى اللغة والأدب والتاريخ ونشرتها فى هذه المجلّة بالذات، ثم جاءت مرحلة الترجمة للصّحف الوطنية ، وفى الملاحق الثقافية ل:”العلم” و”المحررّ”وبعد ذلك “الإتحاد الإشتراكي” وبعض الصّحف القاهرية ،والأردنية وسواها، ثم لمجلات :”الدّوحة” و”الجسرة الثقافية” القطريتين، و”الأقلام” العراقية ،و”الشرق الأوسط” و”القدس العربي” اللندنيتين،وخلال مرحلة عملي فى بلدان أمريكا اللاتينية وإطّلاعي عن قرب على المزيد من إبداعات كتّاب هذا الشقّ النائي من العالم صرت ألتهمها إلتهاماً ، ولم أتمالك نفسي حتى وجدتني أترجم بلا هوادة وبلا إنقطاع كلّ ما راقني من هذا الأدب الرّفيع الذي بهرتني واقعيته السحرية ، وعندما تجمّعت عندي كميّات وفيرة من النصوص المترجمة فى مختلف حقول الإبداع الأدبي أدرجت بعضها فى كتب مستقلّة حسب مختلف الأصناف الأدبية صدرت في كل من القاهرة، وتونس، والمغرب، والأردن، وليما ،وبوغوطا وفى سواها من بلدان العالم.
(5) ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في ازقتها وبين دروبها؟
لا شكّ أن المدينة التي سكنتني وأخذت بمجامعي هي القاهرة حيث كنت أتجوّل بدون انقطاع في أزقتها وحاراتها ودروبها وأتردّد على مقاهيها ( مقهى الفيشاوي ) على سبيل المثال التي كانت المقهى الأثيرة لمعظم كتّاب مصر الكبار ، وكنت أزور مكتابات المدينة المنتشرة في كل مكان واتسكع في ميدان العتبة حيث كانت تباع الكتب القديمة مثلما يحدث اليوم على ضفتيْ نهر السّين في باريس.
(6) هل انت راضٍ على انتاجاتك وماهي اعمالك المقبلة؟
أنا راضٍ ولله الحمد على الاعمال الأدبية التي أصدرتها حتى اليوم منذ أن نشرت باكورة أعمالي وهو كتاب ( وداعاً أيتها الأعوام ) الذي كتب له تقديماً ضافياً الاديب العراقي الكبير الراحل عبد الحق فاضل ،والصادر عن الدار التونسية للنشر عام 1979 ثم نشرتُ في المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة (المشروع القومي للترجمة) بعض الكتب المترجمة عن الإسبانية،وتمّ توزيعها فى مختلف البلدان العربية، منها كتاب :”حَجَر الشمس” (ثلاثون قصيدة من الشّعر الأمريكي اللاتيني المعاصر)، وكتاب “عدالة الهنود وقصص أخرى” الذي يضمّ ما يقرب من أربعين قصّة قصيرة فى الأدب الأمريكي اللاّتيني المعاصركذلك كثير من هذه الاعمال تنقل لأوّل مرّة إلى لغة الضاد، ثم نشرتُ كتباً أخرى منها: ” أمريكا الجنوبية: الوجه والقناع” (أضواء مثيرة على ماضي وحاضر العالم الجديد)، وكتاب :” ذاكرة الحلم والوشم”( قراأت فى الأدب الأمريكي اللاتيني المعاصر) (دار النشر أياديف الرباط) ، ثم نشرت في دار النشر الأردنية المرموقة “خطوط وظلال للنشر والتوزيع” التي ترأسها الأديبة الرقيقة الأستاذة هناء علي البواب كتابين بعنوان (قطوف دانية من عيون الشعرالاسباني والأمريكي اللاّتيني المعاصر) ثم كتاب : (حدائق قصص : مختارات من القصّة القصيرة في الأدب الأمريكيّ اللاّتينيّ المُعَاصِر)، كما ان هناك كتاباً آخر بعنوان ” مختارات من أجمل الطرائف والحكايات من الشرق والغرب” سيصدر قريباًعن دار النشر المرموقة (ناشرون وموزعون.. الآن ) التي يرأسها الصديق العزيز والاديب الاريب الأستاذ جعفر العقيلي.وهناك مجموعة من الكتب الأخرى التي ستأخذ طريقها إلى المطابع فى قريب الأيّام إن شاء الله منها: “عناقيد من كرمة إبن هانئ”و ، “قطوف من دالية سيرفانطيس” (في الأدب العربي الأندلسي والإسباني المعاصر)، و:” الرّفيق قبل الطريق “( في أدب الرحلات) و: “صيّاح الصّمت والصّخب” ء (قراأت أدبية عالمية معاصرة) ،و: ” اللغة والحضارة ” (دراسات في اللغة واللسنيات)،و: “محمد الصبّاغ: صوت متفرّد في الآداب العربية”،و: “تنويعات مختلفة على أوتار الكآبة وقصص أخرى”(مجموعة قصص قصيرة) و”أعلام عاصرتهم ” وسواها “.
(7) متى ستحرق اوراقك الابداعية وتعتزل الكتابة بشكل نهائي؟
أنا أتوقّع أن أسلم الرّوح لباريها واليراع ملتصق بأناملي ، فالكتابة عندي تشبه وتضاهي الهواء الذي أتنفّسه إذ لابدّ لي أن أكتب ما دمتُ حيّاً ،ولابدّ لي أن أصدح وأغنّي للحياة فأنا مثل العصافير إن لم تغنِّ ماتت .
(8)  ماهو العمل الذي تمنيت ان تكون كاتبه وهل لك طقوس خاصّة للكتابة؟
والله أخي السّي رضوان أكرمك الله العمل الذي كنت أتمنّى أن أكون كاتبه هو رواية ( مئة سنة من الغربة) لغابرييل غارسيا مركيز الذي زرت قريته الأسطورية أراكا تكا أو كما جاء اسمها في الرواية ( ماكوندو) واستغربت كيف يخرج هذا العمل العملاق من هذه القرية المغمورة المرمية في الكرايب الأمريكي النائي الذي كتبت عنه الكثير ،ولقد قلت هذا خلال محاضرة ألقيتها باللغة الاسبانية أمام صفوة من أدباء أمريكا اللاّتينية الكبار في مقرّ الديوان الأدبي الشهير ” نوغال” ببوغوطا التي تلقب بأثينا أمريكا اللاّتينية حيث أحصيت عشرات الكلمات المدرجة في هذه الرواية من أصل أو أثل عربي . أما طقوس الكتابة عندي فهي غالباً ما تتمّ في جُنح الليل وفى هزيعه الأخير وأهل الدار كلهم نيام .
(9) هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها ام هو مجرد مغرّد خارج السّرب؟
اكيد للمثقف والمبدع دور فعلي في المنظومة الاجتماعية وينبغي له أن يتفاعل معها بكل جوارحه ولا تنس أخي ان الادب الصادق الملتزم هو انعكاس لواقع كاتبه ومبدعه ولكي نفهم ونستوعب هذا المعنى نكّر هنا بما قاله الرّوائي الفرنسي الشهير جوستاف فلوبيرعندما سُئل وهو يُحتضر على فراش الموت، فقالوا له : بالله عليك قل لنا مَنْ هي مدام بوفاري ؟ فأجاب على الفور بصوت متقطّع قائلاً : مدام بوفاري هي أنا .
(10) ماذا يعني لك العيش في عزلة اجبارية وربما حرية اقل بسبب الحجر الصحي؟وهل العزلة قيد ام حرية بالنسبة للكاتب؟
العزلة الاجبارية قيد للكاتب ولا شك، ولكن هناك من اختار عزلته طواعية واختياراً ولدينا في الادب العربي مثال حي لما نقول وهو ابوالعلاء المعري الذي كان يلقب برهين المحبسين(محبس العمى ومحبس البيت، إذ اعتزل الناس لفترة طويلة) ، ومع ذلك يقال ربّ ضارّة نافعة فخلال الحَجر الصحي الذي عشناه وما زلنا نعيشه قسراً وقهراً وعنوةً هيأت لي الأجواء المناسبة لإصدار ثلاثة كتب كبرى هي اليوم في طريقها الى النشر بحول الله في الاردن الشقيق .
(11) شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا ؟
من الشخصيات التاريخية التي كنت اتمنّى لقاءها والتي عاصرت جدنا المجاهد الشهيد وحقق الله املي هو المناضل الصنديد مَحمّد (فتحاً) شقيق الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي قائد حرب الريف التحررية الماجدة، وقد تمّ ذلك بالفعل في القاهرة خلال مدة دراستي بها التي ناهزت الخمس سنوات حيث كتبت الكثير عن هذا اللقاء الذي أعتبره تاريخيّاً مع هذا الرجل الشّهم الكريم.
(12) ماذا يبقى عندما نفقد الاشياء .الذكريات ام الفراغ؟
عندما يحول الحوْل وتنصرم الشّهور، وتمرّ الأيّام .،والسّاعات التي لا سلطة ولا سطوة ولا هيمنة لنا عليها تبقى لنا الذكريات التي تدغدغ خلايا ذاكرتنا الوَهِنة ، وتلامس شغاف قلوبنا المكلومة، وتناغي ثنايا أفئدتنا المهمومة ، وتلتئم بها ولها ومعها جوارحنا المُعنّاة..ولم يعد لنا من بقايا الزّمن الذي فات وانقضىَ سوىَ قبضٍ من ريح ،أو حصادٍ من هشيم ،هذه الهنيهات السّعيدة والعنيدة ، واللحظات الرّغيدة والوئيدة ، تبعث بداخلنا شعاعَ الأمل ،وتوقد فينا جذوة العيش ، وتوقظ فى أعماقنا نعمة المحبّة،وتحيي في أحشائنا إشعاع الرّجاء ،والتّوق نحو البقاء رغم العناء ،والإحساس العارم، والداهم، والصّارم،والغاشم بمأساة الفناء..! وقديماً قيل : ما أضيقَ العيش لولا فسحة الأمل ،وقيل فى نفس السياق: (الماضي فات والمُؤمّل غيبٌ / ولك السّاعة التي أنت فيها ).
(13) ماذا كنت ستغير في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
أن أعود وأخطو نفس الخطوات التي قيّض الله أن أسلكها في حياتي السابقة فليس في الإمكان أبدع ولا أروع ممّا كان.
(14) صياغة الآداب لايأتي من فراغ بل لابدّ من وجود محرّكات مكانية وزمانية؛ حدثنا عن روايتك :(تحت ظلال أشجار التين والزيتون).كيف كتبت وفي ايّ ظرف؟
جاء في التقديم بمناسبة الذكرى المئوية ” لمعركة أنوال المجيدة” 1921ء 2021 ء ما يلي : “كان خيالاً أن تكون يا أنوال عيداً، ولجيل القرن العشرين نصراً موعودَا، وللتاريخ أنشودة فخرٍ تعبُر الحدودَا، وللشّعوب المُستعمَرة مرجعيّة وأفقاً جديدَا، ولأهل الرّيف والشّمال إكليلَ عزّةٍ وحديثاً مَجيدَا، وللحريّة مَقصداً وعنواناً تليدَا، ولقيم العدالة انبعاثاً ومنهجاً سديدَا، وللإنسان الحرّ مَعلماً لن يضيع وعنه لن نحيد . تزامناً مع هذه الذكرى الخالدة طفقتُ في كتابة روايتي “تحت ظِلال أشجَار التّين والزّيتُون” التي تتعرض في سردٍ قصصيّ مشوّق لمشاهدَ وأحداث ووقائعَ استرجاعية مستوحاة من سيرة جدّنا المُجاهد “مُوحْ نَسِّي أحمد خطّابي الأجديري الورياغلى “رحمه الله شهيد هذه المعركة الى جانب رفقائه من المُجاهدين الآخرين الذين أعطوا النفسَ والنفيس لدحرهم ،وإذلالهم لأعتىَ قوّةٍ استعماريةٍ نظاميةٍ غاشمةٍ اسبانية التي منيت في خضمّ المعارك التي خاضها المجاهدون الصّناديد سواء في أنوال الكبرى أو في أخواتها الأخريات فى ادْهار أُوبارّان، وإغريبَن، إغزَرْ أُووشّن وسواها من مواطن النزال ومراتع القتال التي خلّدها التاريخ بأحرُفٍ من نور ونار.
(15) ما هو أصعب حلم أنت متمسك به ولم تحققه بعد؟
الحلم الذي يراودني بإستمرار ويتبدّى لي فى كلّ غمضة أو غفوة عين ولم يبرح وجداني وكياني أبداً إلى اليوم هو هوس إستكمال كتابة روايتي الآنفة الذكر ( تحت ظلال أشجار التين والزيتون) التي كتبت منها حتى اليوم 27 فصلاً، وهي تسلّط الأضواء على العديد من المجاهدين الذين قدّموا أرواحهم فى سبيل الدفاع عن بلدهم،وشرفها،وصون كرامتها، ولكنّهم مع ذلك مكثوا منسييّن فى الظلّ، ومن بينهم جدّنا المعروف ب ” موح نسّي أحمد ” الذي إستشهد فى أنوال الماجدة فى 21 يوليو1921.
(16) ما الذي يريده الناس من المبدع ومن الروائي بالتحديد؟وهل يحتاج الانسان الى الكتابات الادبية ليسكن الارض؟ ماجدوى هذه الكتابات وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟
ترجمة همومهم، ورصد معاناتهم ومشاغلهم في هذه الأرض فقلّما نجد في عالمنا العربي، والأمازيغي ولدى كلّ الأعراق، والأجناس مَنْ لا يشكو ، وقلّما نعثر في دنيانا على مَنْ صَفَتْ مَشَارِبُه، فكلّنا من مناهل القَذَى ننهل كلّ يوم أكواباً، و نترع أكؤساً، ونحتسي أوانيَ من المرارة، والمضض، والحنظل، ولحظة الفَرَج أو الإنفراج بالنسبة لنا، ولبني طينتنا، تلك التي تتهيّأ لنا فيها فرصة إبلاغ أو إفراغ ما في صدورنا، وجوفنا من آلام، أوعتاب، أو شكوى وما أكثرها عندنا وهذه هي مهمة الكاتب او الروائي او الشاعر والمبدع على وجه الهموم .
(17) كيف يتعايش الروائي مع الشاعر تحت سقف واحد في حياة المبدع محمد الخطابي ؟
والله كلاهما يقوم بنفس المهمة الابداعية حتى وإن كان الشاعر أدونيس أكّد لي خلال لقائنا في احدى المهرجانات الشعرية الكبرى في غرناطة مؤخراً : أنه لا السياسة ، ولا التجارة تعبّران عن هويّة شعب، فالذي يعبّر تعبيراً حقيقياً عن هويّة شعب هو الخلق والإبداع،والقصيدة هي أسمىَ وسائل التعبير في مختلف الميادين ، وهي أعلى مراتب الإبداع، هناك أناس يكتفون بالنظرالى العالم،وهناك أناس آخرون وهم الشعراء يذهبون الى أبعد من ذلك ،إنّهم يحاولون الدخول في عقول القرّاء، ويعملون على تحويل العالم الى مكان أكثرَ أمناً وشاعرية . الشاعر شاهد على ما هو حقيقي أومخادع، ومن ثمّ يأتي إهتمامه بالكائن البشرى”. ومعروف أنّ الرّوائييّن ليس لهم أيّ تأثير كبير في المجتمع المعاصر، حتى وإن كان لهم قرّاء أكثر ممّا لدى الشعراء ، فالرّوائيّون يمرّون في عقل أيّ إنسان بطريقة أفقيّة وسطحيّة، وهم يؤثّرون في القرّاء المستهلكين ، أمّا الشعراء فإنهم يؤثّرون في القرّاألمبدعين ، فسرد العالم روائياً يعني نسخه ، وإذا كنّا ما نقوم به هو إستنساخ الحياة ، فإننا لا نقوم بأيِّ شئٍ حقيقيّ، فالفنّ والإبداع ينبغي لهما خلق طاقة منتجة ، وبرؤيا خاصّة نحو لعالم.
(18) كيف ترى تجربة النشر على وسائل التواصل الاجتماعي؟
والله انه لشئ جميل ان نتواصل ونتفاعل ونتحاور مع أصدقائنا وصديقاتنا عبر هذا الفضاء الأزرق الاثيري البهيج ولا ريب ان النشر كما تفضلت على وسائل الاتصال قد وسّع دائرة معارفنا ولكن مع ذلك نظلّ في عذاب مقيم وغصّة حانقة تخنق حلوقنا لأننا لا نستطيع ان نلتقى ونعانق مَنْ نتواصل معهم وأصبحنا نكنّ لهم وابداعاتهم تقديراً واعزازاً ومودّة ومحبّة.
(19) أجمل واسوء ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى عشتها في حياتي عندما تقدّمتُ حرّاً لامتحان الباكالوريا العسير في ثانوية القاضي عياض بتطوان فى السنة الرابعة وليس السادسة فنجحت بتفوّق وطويت سنتيّن في آنٍ واحد، وأسوأ ذكرى عندما فقدت والدي ومُعلّمي وأستاذي الأوّل في مهامه الحياة ومفاوزها الذي حفظت عنه عشرات الأشعار منذ نعومة أظفاري، ثم عندما فقدت والدتي الرّؤوم التي دائماً ما يذكرني رحيلها المُفجع بالبيت القائل: ألاَ إنّ قلبَ الأمِّ ينبوع ُرحمةٍ … يخرّ له الجلمُودُ والصَّخرُ يسجد .
(20) كلمة اخيرة او شئ ترغب الحديث عنه؟
أجزي لك خالص الشكر صديقي رضوان على هذه البادرة الطيّبة التي هي دليل فطنتك واحترافيتك العليا، أرجو لك مزيداً من التألّق والنجاح، ولن أطنب في الاطراء عليك وإن كنتَ أهلاً له وجديراً به بكلّ تأكيد ،حتى لا يُقال أنّني أفعل ذلك مُحاباةً منّي نحوك لأنّك إبن منطقتي في ريف المغرب الوريف..!

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!