الشاعر رضوان بن شيكار يستضيف الكاتبة اللبنانية عواطف الزين في زاويته أسماء وأسئلة

أسماء وأسئلة:إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الاسبوع الكاتبة اللبنانية عواطف الزين
(1) كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
يمكنني ان اختصر واقدم نفسي في بضع كلمات او اقدمها في صفحات ولكن بما انني لا احب الحديث عن نفسي وافضل أن يقوم الاخرون بهذا الدور اقول :اسمي عواطف الزين صحافية وكاتبة وشاعرة لبنانية عملت في الصحافة اللبنانية في البدايات وفي الصحافة الكويتية قدمت تجربة صحافية طويلة. كاتبة قصة ورواية وكاتبة مقال ثقافي وسياسي .
شاعرة وناقدة ومؤسسة صالون عواطف الزين الثقافي بين لبنان والكويت وناشطة اعلاميا في خدمة اطفال الداون سندروم .
(2) ماذا تقرأين الآن؟
استطيع القول انني في حالة قراءة دائمة تتداخل الكتب بعضها ببعض الى جانب قراءة كل ما تقع عليه عيناي في وسائل الاتصال وضمن مجموعة صالوني الثقافي على الواتساب من موضوعات ومقالات وحوارات الخ .
ومن بين الكتب التي انهيت قراءتها قبل ايام رواية بعنوان قارئة القطار للصديق الروائي ابراهيم فرغلي واقمت ندوة عنها في صالوني الثقافي وناقشنا طقوسها الغريبة واسلوبها المختلف الى حد ما عن الكتابة التقليدية او المتعارف عليها للرواية .
(3) ماهو اجمل كتاب قرأته ؟
بصراحة هذا سؤال صعب لأنه في مشواري الطويل مع القراءة لا يمكن اختصار الاف الكتب في كلمة اجمل ،قد يكون من بين الكتب الكثيرة التي قرأتها مجموعة منها رسخت في ذاكرتي وتركت تأثيرا ما في نفسي وأحببتها ويمكنني في هذا الاطار ذكر بعض الرويات التي قرأتها في مرحلة مبكرة من عمري وكنت في الثالثة او الرابعة عشرة من عمري مثل كتاب ،ستشرق الشمس أيضا لارنست همنغواي ، امي لمكسيم غوركي ،كوخ العم توم ” لهيريت بيتشر ستو الكاتبة الاميركية ،ذهب مع الريح لمارغريت ميتشيل وفي الذاكرة عشرات الكتب الاخرى مثل الحرب والسلم لليو تولستوي وبعض الكتب لجبران خليل جبران مثل النبي دمعة وابتسامة، والاجنحة المتكسرة وغيرها .قراأتي في المرحلة الاولى كانت شاملة كأنني اريد ان اتعرف على الدنيا وعلى الكتاب وعوالمه المختلفة ولكن كان تركيزي على الادب والشعر اللبناني والادب الروسي واعجبت به جدا وتنوعت قراأتي ما بين الرواية والقصة والمسرح والكتب العلمية والنظريات الفلسفية وعلم النفس ومن ثم بدأت اتعرف على الكتاب المصريين والعرب ويمكنني هنا ان اقول ان الكتب التي توفرت لي في تلك المرحلة جاءت على الشكل الذي ذكرته ربما لم اختر ذلك بنفسي ولكنني وجدت نفسي بينها وقرأت كل ما استطعت من كتب وكنت معروفة بين زميلاتي في المدرسة بأنني شغوفة جدا بالقراءة التي اخذتني من هوايات كثيرة اخرى مثل بنات جيلي .
(4) متى بدأت الكتابة ولماذا تكتبين؟
قد يبدو السؤال سهلا لكنه ليس كذلك على الاطلاق أظن اننا جميعا في بداية تشكل وعينا نكون في حالة بحث عن الذات من نحن ؟وماذا نريد؟ وبماذا نحلم ؟ وجدت نفسي أكتب متى كيف لماذا لا اعرف؟
ولكن يبدو انني بدأت ذلك في سن مبكرة ولم يكن لدي هذا السؤال لماذا اكتب؟ قد تكون الكتابة نفسها هي التي تجيب من خلال ما كنت اكتبه من اشعار وخواطر وافكار ،لأنني كنت اجمع كل ورقة اجدها في اي مكان حتى على الارض في الشارع وكذلك اوراق الروزنامة أوالصحف القديمة وكل ما تقع عليه يدي من مطبوعات ،حتى اصبح لدي اكياس كبيرة من الاوراق التي كنت اجمعها بشغف واحتفظ بها كأنني احتفظ بكنز من الذهب. كنت اشارك اخي ابراهيم وهو اقرب اخوتي الي سنا اهتماماته الشعرية واجاريه في كتابة النص الغنائي على امل ان نوصل اغانينا الى كبار المطربين وبالأخص فريد الاطرش مطربنا المفضل وام كلثوم كنا نتمنى ان نسمع ما نكتبه غناء بصوت فريد او ام كلثوم لكن ذلك لم يحدث، لصعوبة التواصل والاتصال في ذلك الزمن الجميل حيث كنا نعيش في اقصى جنوب لبنان والوصول الى بيروت في تلك المرحلة المبكرة من طفولتنا يحتاج الى شبه معجزة ، ومع ذلك غامرنا وارسلنا بعض ما كتبناه الى المطربين، لكننا لم نسمع عما ارسلناه شيئا. لكنها كانت محاولة منا كأطفال بين سن 13 و15 سنة ان نفعل اي شيء
كنا نطمح الى ان نكون شعراء او ممثلين في التليفزيون وبقينا نكتب وما زلنا حتى الان هو في الشعر، العمودي وانا في كل ما ذكرته سابقا .
(5) ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في ازقتها وبين دروبها؟
بيروت هي المدينة التي تسكنني واعشقها وكتبت في حبها روايتين نجمة المقهى” وتحت سماء بيروت” التي سوف تصدر لاحقا “
باستثناء الكثير الكثير من المقالات والكتابات والقصص هي مدينة الحياة والصبا والتجربة والحب ، يملؤني الحنين اليها في كل الظروف وفي كل الازمنة ،وحبي لها امتد شغفا الى ابنتي المخرجة والصحافية فرح الهاشم التي اخرجت اول افلامها عنها تحت عنوان ترويقة في بيروت وايضا احدث افلامها “بيروت برهان” ،الحديث عن المدن جميعها يمكن اختصاره في بيروت وأحن ايضا الى القاهرة لها في ذاكرتي الكثير من الذكريات ولها مكانا مختلف في نفسي .
(6) هل انت راضية على انتاجاتك وماهي اعمالك المقبلة؟
كل كاتب يسعى الى الكمال في انتاجه الابداعي ، انا حاولت أن اعبر عن هذا الاحساس من خلال كتبي وايضا من خلال عملي في الصحافة لانني اعتبر نفسي صحافية اولا واخيرا ،فالصحافة هي عشقي الاول الذي لا ينتهي، ومن خلالها صقلت مواهبي في كتابة الشعر والقصة والمقالة واتقنت صناعة الحوار والخبر والتعليق وتعلمت النقد على اصوله، الصحافة هي بيتي الاول ومهنتي وهي صاحبة الجلالة ورغم أنني بدأت فيها وتدرجت وتعلمت اصولها من الالف الى الياء واخذت كل المناصب الممكنة من محررة ثقافية الى مديرة تحرير ،الا انني كنت اطمح الى الاكثر وقتا وجهدا ، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه هناك مراحل في الحياة تختار طريقها رغما عنا ومن خلالنا ،ورغم انني امضيت ما يقرب او يزيد عن ثلاثة عقود في العمل الصحفي ما بين جريدة يومية ومجلة اسبوعية او شهرية وكنت متفرغة تماما للعمل الصحفي على مدى السنوات التي ذكرتها. وفي عام 2016 تفرغت للكتابة الخاصة وانجزت العديد من الكتب والروايات والمجموعات القصصية والشعرية و النقدية كان اخرها او احدثها كتابي عن العظيم فريد الاطرش وشقيقته الرائعة اسمهان.
في اعتقادي ان الكاتب لا يبلغ مرحلة الرضى الكامل عما يكتبه مهما بلغت تجربته من نضوج اونجاح و انتشار، يظل في اعماقه باحثا عن الأفضل والاجمل والاكثر عمقا وتأثيرا واختلافا ،سوف أظل احاول تحقيق ذلك الرضى الذي لا يدرك . الى اخر لحظة .
(7) ماهو العمل الذي تتمنين ان تكوني كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
العمل الذي اتمنى كتابته لا علاقة له بما كتب قبلي او بما قرأته من كتب وروايات، الأمنية هنا تذهب الى مكان آخر وهو ما اتمنى ان أكتبه كعواطف بعيدا عن اي كاتب آخر عربي او عالمي، ولكن تثير اهتماماتي بعض الكتب من بينها روايات و قصص قصيرة او شعر اذا كانت هناك افكار جديدة او اسلوب جديد مبتكر للكتابة. احب فكرة التجديد بمعناه الحقيقي وليس الشكلي فقط وما اقصده هو مضمون العمل الابداعي ككل .عما يتحدث؟ وماذا يقول ؟والى من يوجه ؟وهل هناك أي دور اجتماعي له على مختلف الصعد اجتماعيا ثقافيا فكريا اخلاقيا الخ . التجديد من اجل توظيف الابداع في خدمة الناس وليس فقط في خدمة المبدع .
تأسرني فكرة الاساليب المبتكرة لتقديم النص اي نص لذلك اجد انني امارس هذا كثيرا في مقالاتي وقصصي وتقريبا في كل ما كتبت .
احاول ان اشرك القارىء في النقاش وفي البحث وفي الوصول معي الى نتيجة لانني عندما اكتب لا أضع في اعتباري الا القارىء .
اما بالنسبة للطقوس المتعلقة بوقت وظروف الكتابة فأعتقد انني عندما اكون مشغولة بكتابة نص ما تكون افكاري كلها منشغلة به واستعد له والتقط كل اشارة او فكرة او كلمة جديدة تخدم فكرتي وقبل ان اجلس الى مكتبي لأكتب اريد ان اكون بكامل اناقتي وكأنني خارجة الى احتفال ولست ممن يتناولون القهوة او السجائر فأن لا أدخن تخليت عن التدخين قبل أن ابدأ بكتابة أول مجموعة قصصية صدرت لي عام 1999 كنت اود أن امتحن نفسي هل يمكنني الكتابة بشكل جيد من دون ان ادخن ؟ واعتقد انني نجحت في ذلك ،فالعمل في الصحافة جعلني مدخنة لكنني اقلعت عنه .واكتب في الفترة الصباحية فقط واحب ان تكون الكتابة في الصباح الباكر .وقد يرافقني فنجان من النسكافيه .
(8) هل للمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها ام هو مجرد مغرد خارج السرب؟
من الطبيعي والضروري أن يكون للمثقف او المبدع دوره في مجتمعه وهذا ما كنت وما زلت اسعى اليه واحاول تكريسه من خلال ما اكتب وما اقوم به من نشاط ثقافي ويدخل هذا الامر في منظومتي الفكرية اذا صح التعبير لانني اؤمن بأن لا قيمة لاي مثقف خارج منظومته الاجتماعية ولا بد أن يقوم بدوره على اكمل وجه تثقيفا وتوجيها وسلوكا وتربية للمشاعر والذوق والفكر. فالثقافة عندي هي سلوك عام إنساني واخلاقي واجتماعي واي مثقف خارج هذا السياق تنتفي عنه صفة الثقافة بكل مضامينها ومعانيها .ولا يبقى منها اي شيء فما نفع الإبداع بكل اشكاله وانواعه وميادينه ،اذا لم يرتبط بالبيئة المحيطة بالمبدع بكل ما فيها .
(9) كيف تتعايش الكاتبة مع الصحفية تحت سقف واحد في حياة المبدعة عواطف الزين ؟
عواطف الصحافية والكاتبة هي نفسها لا تنفصل الواحدة عن الاخرى هناك ترابط وثيق بين الكاتبة والصحافية والشاعرة والناقدة أيضا في داخلي وكل هذه الشخصيات مجتمعة تشكل شخصية عواطف الزين وإن كنت أميل الى الصحافية التي ما زلت امارس دورها الى حد بعيد من خلال كتاباتي ومتابعاتي ومقالاتي على وسائل التواصل والكاتبة تظهر أكثر في الكتب التي انجزتها حتى الآن كذلك الشاعرة والناقدة أكاد اكون منصفة في توزيع المهمات بين مكونات شخصية عواطف واعتقد ان التعايش في أبهى صوره بيننا وان كنت أنتقد نفسي كثيرا حيث لا اترك اي نص يخرج دون ان اكون واثقة منه تماما وهذا ما يؤثر احيانا على بعض النصوص ويؤخر ظهورها الى الناس .
(10) صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن روايتك ” نجمة المقهى “، كيف كتبت وفي أي ظرف؟
رواية نجمة المقهى هي الكتاب العاشر ضمن مجموعة إصداراتي وتعتبر من الناحية الفنية الرواية الاولى لي واستغرقت كتابتها سنوات عدة كنت أكتب لبعض الوقت واصدر كتبا اخرى وهي تنتظر الى أن صدرت في بيروت عن دار الفارابي عام 2017 ،اعتز كثيرا بهذه الرواية ويمكنني القول انها كتبت بدموعي لما تحتويه من مشاعر مرتبطة بالماضي الجميل رغم المه فهي تتحدث عن اسرة جنوبية متوسطة تعيش في جويا جنوب لبنان وتتنقل بحكم ضيق العيش بينها وبين بيروت وفلسطين وسوريا وتتشكل حياة تلك الاسرة في ظل صراعات وحروب وظروف قاسية مر بها لبنان بين مرحلتي الخمسينات والسبعينات ، هي سيرة اجتماعية ضمن هامش تاريخي لاحداث مهمة على الصعيدين الانساني والسياسي .
(11) هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه؟
هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب ام يعيش هو بأحلامه داخل وطنه .
انا اعيش بعيدة عن وطني لبنان من سنوات طويلة لكن وطني لا يتركني لحظة واحدة فهو ملتصق بي وانا ملتصقة به شكلا ومضمونا يتجسد في ملامحي ولهجتي واهتماماتي والمي وفرحي وحزني فعندما يكون وطني بخير أكون بخير، والبعد عن الاوطان لا يعني نسيانها او فقدانها او سقوطها من الذاكرة والوجدان في متاهات الغربة وقسوتها ،وانما على العكس تماما بالنسبة إلي ما زال وطني لبنان الجميل يعيش داخلي واعيش فيه وان ابتعدت لبعض الوقت فهو يسكنني واقعا وخيالا وهو حاضر دائما في كل ما اكتبه وما أقوله ما زال هو همي الاكبر وحبي الأكبر .
(12) كلمة اخيرة او شئ ترغبين الحديث عنه؟
اود ان اشكر لك اهتمامك بالمبدعين والمثقفين والكتاب على امل ان تتحرر الافكار من قيودها وتصبح حرية الر أي مقدسة في عالمنا وان يتاح للمراة العربية المشاركة في اتخاذ القرار والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والابداعية وان تتخلص من قيود بعض القوانين الظالمة التي لم تستطع حتى الأن انصافها اجتماعيا وبشكل خاص في موضوع العنف الاسري .
وان تصبح المرأة شريكة حقيقية ومساوية للرجل في كل المجالات من دون استثناء .

عن رضوان بن شيكار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!