أسرة طيبة جدا/ بقلم : ربيع عقب الباب/ مصر

رائع هذا الظلام

ثقيل الثياب

لكن سوادها يجعلني أرتخي أكثر

أبحث عن جلباب أبي لأنام مستدفئا

لا أخاف شح السنابل

تلف الكرمة

أو جفاف النيل

لا يهم أن لطمني أمام أم الأولاد

أو حتى صغاري

ونعتني بلفظة ” مرة ” حين استبد برأيه

ألا يرى كم أنا محب

وحضاريّ

حين أناقش امرأتي في أمر تربية الأولاد

لا يهم أن يكون لي رأى

أو ربطني مع بهائمه في زريبة منعزلة

من أجل أن يربي الأولاد و الأعمام و الأخوة

و الزوجات كما يحب

فنحن أسرة طيبة

يشهد الله كم هو عادل إلى أقصى حد

لا يهم أن أعطى أحد الأخوة بلا حساب

فهو حنون يضنيه البكاء

بينما لم يقدم لآخر أي شيء

بل عنفه و صده و لطمه على مؤخرته

و قفاه !

لا يهم

فنحن أسرة طيبة

لا يهم أن كان نصفها مرضى نفسيين

يعانون من كوابيس

يصرخون في منتصف العناء على أشباح

لا شك أنهم ممتلئون ومشحونون

في عيادات باهظة الوجع !

لا يهم كل هذا

فأنا لا أخاف شح السنابل

تلف الكرمة

أو جفاف النيل

فبأي حق أزأر أو أتذمر

إلا أن أكون معدوم الأصل و الفصل !

نحن أسرة طيبة

إلى أقصى حدود الله

نعرف ما لنا و ما علينا

والفضل عائد لرب أسرتنا

فهو برغم حكمته

وصبره الطويل

قد ينسى حين أتكلم دون إذنه

لغة الكلام

فيضربني من غيظه بفأس طالها

أو يطاردني في الغيطان

لا أنسى أبدا

يوم لطمني أمام أم الأولاد

و الأخوة من حولنا يرتجفون

لا يهم أن أحست زوجتي بالإهانة

فتقدمتني

كأنها تزود عني

فما كان منه إلا أن التقط ( صفيحة كبيرة )

و نزل بها على أم رأسها

لا تهم خيوط الدم

تروى الأرض تحت أقدامنا

و لا الخمس عشرة غرزة

و عاهة تلازمها حتى الممات

لا يهم كل هذا

فنحن أسرة طيبة

لا تخاف شح السنابل

تلف الكرمة

أو جفاف النيل

فبأي حق نزأر أو نتذمر !

لكن الذي همّني

تخلي الأخوة و الأعمام

حين اصطدم بهذا الرجل الغليظ

مفتول الساعدين

بأحد أجران القمح

أرداه غارقا في دمه

و هم عاقدون سواعدهم

يشهدون

أو كأنهم ينتظرون لمن تكون الغلبة

وهم في حيرة من أمرهم

فأسرعت إلي قضيب حديدي قريب

و أفلحت في تفتيت رأس الرجل

بل هاجمت الأعمام و الأخوة

لم يمنعني عنهم إلا هو

فتركت القضيب يهوي إلي الأرض

ألقيت بنفسي في أحضانه صارخا

ليحملني بعد ذلك

إلي قسم الشرطة كي أنال عقوبتي
رائع هذا الظلام

ثقيل الثياب

لكن سوادها يجعلني أرتخي أكثر

أبحث عن جلباب أبي لأنام مستدفئا

لا أخاف شح السنابل

تلف الكرمة

أو جفاف النيل !

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!