الرَّحِيلُ أسْرٌ كَمَا الانْتِظَارُ / بقلم : قصيدة بقلم عبد اللطيف رعري

مِظَلَّةٌ تُحْجِبنَا عَن الشّمسِ

 مُثبتةٌ فِي فَرَاغ العُمرِ

تُلاهِي رِيحًا شَاقُولِيةَ المَدّى …

تُومِئُ بالأصْبُعِ الجَريحِ مَكْمَنَ السَّكنَةِ

 فتفرَّدَتْ نَوَازِعُ الوَجلِ فِي عُيُوننِا

 وتصَلَّبَ العَراءُ علَى أدْراجِنَا

 وَخَفَّتْ بِأعْتابِنَا مَرْئيَاتُ النُضْجِ

دَواخِلٌنا بَهِيمِيةٌ

 سَوَّدتْ سَعْدَ الأغْنِياتِ

بِجَبرِهَا علَى الضَّيَاعِ …

وَصَارَتْ فِي خَفَايَانا هَزَّة صَخْرِيَة

رَاقِصَة بِلَا حُدُودٍ

تُهذِي المَوتَ أشْكَالَ الثَّأرْ

وصَارَ عُمرُ أَطْلَالنَا أبَدِيُّ أسْكَنتهُ البُومَةُ فِرَاخَهَا

وَعُدْنَا لِخَيبَتِنا أمَدَ السِّنِينَ

 نَقْتَاتُ حَصَى جِدارِنَا بَينَ الوَحَلِ

 وَنَرْتشِفُ دُمُوعَنَا المُثلَجَةِ ….

آهٍ مِنَّا …..

بشَرٌ أو شبهَ البَشَرْ …

أنَاسٌ أو شِبهَ النَّاسْ

 العَامَّة مِنَّا وَالخَوَاصْ

مِنْ أوَّلِ وطأةٍ لآخِرِ طَلَّةٍ فِي الجَبلِ

 من اوَّلِ لَفظَةٍ لآخِرِ مَوقِفٍ سَخِيفٍ

 مِنْ اوَّلِ تَنهِيدةٍ لآخِرِ استِسْلامٍ ِ

من أوَّلِ سِمَةٍ رُجُولِية لآخِرِ شُبهَةٍ نِسَائيةٍ

أتْلفْنَا تَارِيخَنَا فِي مُسْتنقَعَاتِ النَّدَامَةِ…

بِدِيارِنا مَللٌ

شَاعَت عَلى رَسْمِها آفاتٌ

 قَسّمتْ ظَهرَ اليقِينِ…

وأفشَتْ سِرَّ المِشْكاة ِ

لِجدةٍ خَبَّأت فِي شُونِهَا المُستحِيلَ

وَاستَظهَرَتْ آياتَ الجُبنِ

 لِحَفيدٍ تَعلَّقَ حُلمَهُ بالهَرَبِ …

خَشْيةَ البَقاءِ فِي مُنتصَفِ الزُجَاجةِ

بينَ عَويلٍ وَنُباحٍ

 بينَ شُحِّ الأقْداحِ

بينَ عُقمِ الافْصَاحِ

بين بُكاءٍ ونُواحٍ

فَعرّتْ قُبُلاتُ الرِّيحِ لِضَيقِ الصَّدرِ

 فالتفَّتْ كَوَّةُ الجِدَارِ

 بكوَّةِ الجِدارِ

 فَبكَى المَارِد ُالأشقرُ الذِّي عَسَّ السَّماءَ

وَارتَمتْ حَصَاهُ فِي رَابيةٍ

مِنهَا مَا فَقِئ عَينُ الغِربَانِ

 ومِنْهَا مَا زَادَ عُزوَةَ السُلطَانِ

 فغَارَتْ مِن صَمتِها الاحْبارُ

 وَغَابَتْ مِن صَفِّها الاخبارُ…

 فَجِيء لهَا بقُمَاشٍ عَافتْهُ الانْظارُ

 فأمَدَّها الرَّحْمانُ بسُوءٍ

وَزَادهَا الدَّهرُ عَارُ

 دِيارُنَا الانَ خَتمٌ تَحُفُهُ الاسْرَارُ

 دِيارُنَا مَللٌ

دِيارُنا غَضبٌ….

فَسُبحانكَ أنتَ الجَبَّارُ

خَيرْتنَا بَينَ الجَنَّةَ والنَّارُ

  الرُّعبُ حين يبرَقَ مازِحاَ

 يتلوَى بسُخرياتِ القَدرِ

 فِيهِ ارتِخَاءَ العُيُونِ….

 فِيهِ تعَارِيجَ الأمكِنةِ القَديمةِ

 فِيه الوجُوه بآلافِ الصّفاتِ…

 تُؤلِفُ الصّفقَاتِ

وتُجيزُ النفَقاتِ…

لِمنْ ابتَلاهُ جَفاءُ النَّهرِ بالسُؤالِ

 وعَرَّتهُ الغَابَةُ منْ ألْفَةِ الحَالِ

 فِيهِ الايَادِي مُبللةٌ بدِمَاءِ الأبْرياءِ

 فيه هربٌ صَوبَ اليمينِ ….

وأعْلامٌ البلاءِ

 فِيهِ وقفةٌ مُحيرَة للعُقُولِ…

وأجسَادٌ للخَلاءِ

 الصّراخُ أعمَق…

وما نسَجَتهُ الأمُهَات …الصُّراخُ أحمَقٌ

وما أقبرته الآفات…

فَجارِي بِعينِ الحَق جُورَ المَتاهَات…

يا مَللٌ… يا غضَبٌ… يسكُنا الدٍّيار

اترُكَا سَاعَاتِي الأخِيرَة لِخَفيَة العَاهَاتِ

فَحِرصِي عَلى دِيارِنَا عُرفٌ مباحٌ

 بدِيارِنا مللٌ

 بدِيارِنَا غضبٌ …

بِديارِنا النَّارُ تأكلُ النَّار. َ

 وهذا الطَّيرُ وذَاكَ الجَارُ…

ونَوبةُ الاعْصارْ…

والعَارُ والعَارُ والعَارُ…

فُرَصُ الارْتقابِ تأجَّجتْ نارُهَا

الانتِظارُ أسْرٌ

 الرَّحِيلُ أسْرٌ ..

وَبقَايَا الجمَراتِ فِي يدِي

 تُدَاعِبَ سُخْطِي لتلْعَقَ رُضابَ الحُرياتِ

كأن الترَابَ بِزمنِ اللاشيء

 والسّماءَ فاقِدةٌ لِمَبدئ الجُودِ

فتمَزّقتْ مِن حَولهَا رَسَائلُ الكَونِ

ورَاحَ مرْكزُ الأجرَام في كفِ أبلهٍ

 صامَ عَن البوحِ بأسْماءِ الاولِياءِ

 فتدرَّجَت بزغَةُ الأنوَارِ

 في خَواءِ الاعتِقادِ البَسيطِ

بِبقاءِ مُفرطٍ خارجَ الأنَا …

وبِفرْطِ البَقاءِ الكُلُّ هَاهُنَا

 ورَاءَ ورْطةِ التخيُّل بمنْطقِ الحِيرَة

  تَعذَّرَ عَلَى أسْلافِنَا البوْحَ بالسِيرَةِ

فَذمَّتنَا الأعْرَافُ

وَرَمَتنَا فِي نُتُونِ الظَّهِيرَةِ

فأخَافَتْنَا الظِّلالُ بِدَلالِ الشَّجَرِ

 فَمنْ مِنَّا يَرْوِي السَّرِيرَةْ

… وَمنْ مِنَّا يَحْيا النَّظِيرَةْ

 حيثُ الكَمالَ يكتَملُ

 حيثُ الجَمالَ يمْتثِلُ

وسُلطةُ المُطلقِ لحَاكمٍ بَرَّأناهُ

وأمهَلناهُ السَّاعةَ

كمَا امهَلنَا حُسنَ المقَامِ

فِي خُلدِ الدِّيارِ…

 من نبعِ العُيونِ حتّى مَتمِّ الانْهارِ

من سَيلِ المُباحِ لا حظّ للأقدارِ

 كَلُّ شيءِ بِديارِنا باردٌ بنَفادِ الدَّلالةِ

 بِسَقطِ الكَفَالة خَاصَمْنا مُقلَ الصِّغَار

 الطفلُ فِينَا شَاردٌ

 تَستَهْويهِ العُهُودُ

والشَّاعِرُ طَريدٌ

 تُكبلهُ القُيودُ …

ولِحَافُ سَادَاتِنَا يُخفِي فَضِيحَةَ النَّهَارِ

 فالأبيَضُ أبيَضٌ وَلَو أعْدَمنَا الصَّوَابَ

 وَبَقايَا نَوَايَانَا لِجَرَّاهَا نَعُدُّ الجَوَابَ

كُلَّ شيءٍ بِديارِنا سَخِيفٌ

كَمَنْ أحَبَّ عَاهِرةً فِي عِقْدِ السُقُوطِ

فأهْدَاهَا مُهْراً بِدمِ الوَطَنِ

فَحِينَ اسْتبَالتْ عَلَى ذِكْرَياتِ الامبْرَاطُورِ العَظِيمِ

سَقَطَ حُلمُ الشّعبِ فِي الغَدِيرِ

بِديارِنَا يُولدُ المكرُ بِالأخْماسِ

 وتُزهِرُ شَجَرةُ الانْجَاس بالشَّكْوَى

 وتَتقَوَّى هُمُومُ الَّناسِ…

  يا مَللٌ… يا غضَبٌ… يسكُنا الدٍّيار

اترُكَا سَاعَاتِي الأخِيرَة لِخَفيَة العَاهَاتِ

فَحِرصِي عَلى دِيارِنَا عُرفٌ مباحٌ….

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!