الإيقاع الشعري” الموسيقى”/بقلم: علي أحمد عبده قاسم.

يشكل الإيقاع أو الموسيقى أهمية كبيرة في النص الشعري خاصة و في النص النثري إلا أنه في القصيدة يشكل له أهمية كبرى بوصفه قاعدة من القواعد الشعرية فهو يعكس قدرة الشاعر وتمكنه منه بحيث لايظهر خللا قد يعتري النص بعد ويعد جزءا لاتتجزأ من الشعرية ، بل أن الإيقاع يؤدي وظيفة كبيرة في التأثير في المتلقي خاصة حين يرتبط بالصورة والعاطفة والفكرة لاسيما وأن الجمالية الشعرية:: ” تناغم النص صوتيا ودلاليا وتركيبا ووزنا ومشاعر بحيث تعطي للنص سمته وهويته.”
لذلك خفت الإيقاع في عصور الانحطاط حين مال الشعراء للزخرفة والصنعة وتحولت القصيدة إلى مايشبه لوحة فوتوغرافية بلا روح.
ولكن ماالإيقاع الشعري” الموسيقى؟
نستطيع القول بأنها:” وحدة النغمة التي تتكرر على نمط ما في الكلام أو البيت: أي توالي الحركات والسكنات بشكل منتظم في فقرة أو اكثر في البيت أو الكلام”
وينقسم الإيقاع إلى قسمين:
1- خارجي ويتكون من: الوزن والقافية وحرف الروي
فالوزن الإطار الموسيقي للبحور الستة عشر الخليلية
والقافية: هي آخر ساكنين في البيت يليهما متحرك
وحرف الروي هو: ” آخر حرف صحيح في البيت الشعري.”
2- الإيقاع الداخلي ونعني به: ” دراسة التوازي والجناس والتكرار والطباق والترادف والاشتقاق”
وإذا نظرنا إلى أبيات البحتري:
(( ترك السواد للابسيه وبيضا
ونضا من الستين عنه مانضا
وشآه أغيد في تصرف لحظه
مرض أعل به القلوب وأمرضا
وكأنه ألفى الصبا وجديده
دينا دنا ميقاته أن يقتضى
آسيان أثري من جوى وصبابة
وأساف من وصل الحسان وأنفضا
كلف يكفكف عبرة مهراقة
أسفا على عهد الشباب وما انقضى”
نعلم ماللموسيقى من تأثير سواء من حيث النغم والالتزام بالنغمة الواحدة وتكرار الحركات والسكنات على نحو منتظم السامع فقد جاء الوزن من البحر الكامل ” متفاعلن ، متفاعلن ؛ متفاعلن.” ناهيك عن القافية وحرف الروي ” الضاد” أدى ذلك إلى إيقاع حزين وفي الوقت نفسه صاخب ومؤثر فكان إئتلاف الحركات والسكنات فيهما بشكل منتظم وغير مختل فيه لفت وحذف وتأثير عميق في المتلقي ليس فحسب جاءت كل لفظة مشحونه بصورة ودلالات كثيرة كأنها تعكس مرحلة الأسى والندم والحزن لكل إنسان بلغ الستين من العمر.
أما الإيقاع الداخلي فقد كان النص حافلا بل يفيض بالموسيقى الداخلية المؤثرة العميقة من حيث – التوازي ونعني به” التشابه الصرفي والتناظر الصوتي بين جملتين وقد ورد ذلك في: ” نضا، مانضا ، أعل ،اغيد أمرضا))
التكرار ونعني به” تكرار كلمة او حرف اوأكثر
وجاءت كمايلي:
– تكرار بعض الكلمات مثل:!(( نضا. مانضا
– تكرار حرف الواو تقريبا سبع مرات وهو حرف يعكس شمول الحزن من خلال رسم الصورة مقارنا بين مرحلة وأخرى
– تكرار حرف الضاد ٨ مرات
– تكرار حرف السين ٧ مرات
– تكرار حرف الراء ٤ مرات
– تكرار حرف الصاد اربع مرات.
وهذه حروف صفير تعطى موسيقى تزيد من عاطفة الحزن والندم وحاءت مؤثرة بجرس له وقع في اعماق المتلفي مما يجعله يتعاطف مع الشاعر. ويرى فيه نفسه
– الجناس وقد جاء في:
( انفضا، انقضى ، دنا . دينا))
الطباق وقد جاء في:
(( السواد ، بيضا. أعل ، امرضا ، أثري، أساف))
الترادف وحفل به النص في:

(( جوى ، صبابة ، كلف” وكل هذه الكمات من معاني الحب والعشق.
الاشتقاق وهو تلك الكلمات التي تأتي من أصل واحد
” دنا؛ دينا ”
مما سبق نلحظ أن: الإيقاع الداخلي كان متدفقا وظف من خلاله الشاعر كل طاقاته اللغوية.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!