اللغة الشعرية وأثرها في البناء السردي قراءة في قصة أغدا ألقاك…


ا
للروائية عنان محروس
بقلم د. عبد الرحيم خير
( دراسات عليّا في الأدب العربي)

▪︎ اللغة الشعرية:
تُعرّف اللغة الشعرية على أنّها اللغة الأدبية التي يستخدمها الأديب في نصه النثري، بحيث يتكئ على لغة الشعر لكتابة نصه النثري، فيضفي عليه بعدًا جماليّا إضافيًّا، وهذا يؤدي إلى كثرة الانزياحات اللغوية في النص النثري، ويجعل الجمل مفتوحة الدلالة، فيكسر الأديب حواجز اللغة بالمزج بين الشعري والسردي معًا في نصه، ويكثر من الإيحاء والتصوير))
ويغلب على قصة ( أغدا ألقاك ) طابع الشعرية بداية من العنوان الذي هو أحد المقاطع الغنائية مرورا باختيار الكلمات الموحية والعبارات المعبرة عن هذه الحالةالحالمة، حالة الشوق الذي طال في انتظار الحبيب تاركا حبيته على جمر الشوق تعد أيام غيابه
وتكتوي بنار الشوق والوجد، وترسم أملها حلما جميلا، تلملم بقايا أشواقها وتعزف آهات الشوق لحنا جميلا على وقع أنغام اللقاء ..
الجو شاعري بامتياز كما يتمناه كل عاشق عند لقاء الحبيب أو تخيله وذكره؛ اعتدل هواؤه وصفت سماؤه وظهرت نجومه وبان القمر فيه بدرا مكتملا وكأن الطبيعة رقّت لحال العاشقة فتهيئت لتواسيها
لعلها تخفف عنها آلام الوجد وتباريح الغرام ، إلا أن جمال الطبيعة زاد شوقها وحنينها ورغبتها في القرب واللقاء، تمايلت ورقصت لكن نصل الحرمان قطع ماتبقى من حبل ثباتها وصبرها فاستسلمت.
راحت تراسله وتعترف له أنها تعد أيام غيابه التي طالت وتنتظر عودته وفي كل يوم تتهيء له وتحلم بأنها عروس تزف إليه، البطل وبدوره حين قرأ الرسالة كانت كأنها النار التي اشتعلت في هشيم صبره، والصخرة حطمت دوافع بقاءه وهجره وأعادت إليه ذكرى حب ينتظره فاتخذ قراره
عازما الرجوع، لن يمنعه الخوف ولن يعيقه خطر الحروب والصراعات، لكن النهاية كانت حزينة حيث استفاقت الحبيبة من الحلم الجميل على واقع محزن كئيب فتحطمت آمالها على جسور الواقع ونحر الموت فرحتها على حدود الوطن.
وإن كان استخدام اللغة الشعرية عند بعض الكتاب بقصصهم القصيرة هو تعويض عن بعض سمات هذا الفن وهروبا من بعض قيوده وخصائصه وإلا أن استخدام اللغة الشعرية في قصة ( أغدا ألقاك ) …
كان لضرورة ملحة وهو التعبير عن تلك الحالة الشعورية الحالمة والتي تكونت عبر مشاعر وأحاسيس هي بالأصل شاعرية ( الحب/ الشوق /الفراق / الانتظار/ الحرمان ) ومن ثم ظهر هذا التناغم بين تلك المعاني وبين الطريقة التي اختارتها الكاتبة لتعبر بها على لسان شخصيات القصة، كما أن استخدام اللغة الشعرية كان ضرورة لأجل وصف هذه الحالة الحالمة بما يناسبها من عبارات ومحسنات استدعتها الكاتبة لتبني منها عالماً واسعاً لدى القارئ، ليفتّش، بعد ذلك في وعيه، عن تأويلات تلك الرّموز بعد أن مرت في خياله وتركت أثرها في مشاعره نشوة من جمال الحب وفرحة بعودة الحبيب وأخير حزنا ووجعا لمرارة الفقد وألم الفراق.
خالص الأمنيات بدوام الإبداع للمبدعة الأستاذة الروائية / عنان محروس

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!