الفكر النسوي/ بقلم : جنى يوسف الغانم

الفكر النسوي ؛كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة في بلادنا وامتد فكرهُ حيث يصعب عدم المرور ببعض من تأثيره المباشر وغير المباشر على مستوى حياتنا اليومية وعلاقتنا القريبة والبعيدة.

بحر التناقض في هذه الأيديولوجية الفكرية المدعوة بالنسوية التي جاء اسمها اصطلاحا من كلمة نسوة بحر عميق ، وبما انني انا نفسي اعد من تلك النسوة التي أتى هذا الفكر بنوره لينقذها من “جاهلية المحافظة و ظلم الدين” فوجودها يحاكي طبيعة واقعي بشكل صريح لا خلاف عليه.

في الحديث عن البديات، نقدر ان نكشف الكثير،
وهذا سوف يرجعنا بالزمن قرنين اثنين،
بدأت الحركة النسوية في الفكر الغربي في القرن الثامن عشر، وصيغ مصطلح النسوية لأول مرة على يد المفكر والفيلسوف الفرنسي شارل فورييه سنة 1873.

وكان قد اتسم عصر التنوير خلال القرن ال19 بالاتجاه الفكري العلماني وازدهار في الكتابة الفلسفية المتعلقة بالأفكار التي قد تنسب للنسوية،
وكانت الشعارات تطالب بحقوقٍ سياسية وتعليمية،
بديهيات العدل مثل حق التصويت والتعليم وما الى ذلك، ولا داعي لأن اتعرض لمكانه المرأة في المجتمع الغربي في هذه الحقبة الزمنية ولا داع ايضا لأن اقارن استبدادهم وظلمهم بأمة كانت المرأة وصية رسولها صلى عليه وعلى آله وسلم.

مع قدوم الثورة الصناعية، وبدء عصر الاستهلاك والسرعة والتصنيع، بدأت الحكومات المستفيدة التي قد كانت تقمع نفس النساء المتمردات تلك سابقا، توافقهم الرأي في سقف حرياتهم في العمل والتنقل.

وفي القرن العشرين، وجدت النسوية رواجاً ملحوظا بعد قدوم الحربين العالميتين والإعتماد الشبه كامل على النساء في مجالات تصنيع الأسلحة و العمل في المصانع، حتى انا طبيعة الحياة التي فرضها عدم تواجد الرجال تركت اثرا عظيم في نفوس النساء و افكارهم نحو الإعتماد على الرجل وحقيقة الحاجة اليه، فأصبح الإلحاح على تلك الحقوق لا يكفي، بل كان يجب لصورة المرأة وذاتها في مجتمعاتهم ان تتغير، خدمةً للتغير الاقتصادي والإجتماعي، عندما نتحدث عن المرأة وواجباتها ما قبل هذا التنقل الفكري، تتضح لنا صورة الراعية والمحتضنة التي اصبح يصحبها الآن دور عملي مادي، ووجود تعارض بين هذا الدور الجديد مع الدور الفطري للمرأة لم يكن شيء يستعاذ منه، لأن التساؤل عن تلك التفاصيل قد يعطل حرك المصانع المقدسة في لتلك المجتمعات الهشة.

لنلاحظ التزامن النفعي الذي صحب الحاجة الماسه للقوى العامله الكادحة مع زيادة حقوق المرأة ومكانتها في مجتمعاتهم.

وبما اننا نتحدث عنهم، الأقوام البعيدة تلك، قد يدفعك هذا للتساؤل عن وجه الشبه بين واقعنا وواقعهم، وخطورة فكرهم على ما حولنا نحن.
انا أرى ان مصيبتنا تتجزأ بعقدة نقصنا، موازين القوى التي لا تنظر إلينا حتى، والنشوة البلهاء تلك التي تأتي من التقليد الأعمى الذي يحاول ان يُشعر نفسه انه هو الآخر جدير بشيء ما.
استعمارنا، سواء كنا نتحدث عن الماضي او الحاضر يكمن في قدرتهم على تجسيد الأفكار والأولويات فينا لأسباب تماما مثل تلك التي بدأت النسوية من اجلها عندهم، اسباب نفعية، لكن وجه الاختلاف انها بعيدة تماما عن النفع لنا نحن، فلا تقدم ولا ازدهار، لكن هدم أسس و وضوابط منهجية تحاكي لا فقط الشرع المنزل ولكن فطرة النفس البشرية وما بها من منطق، حتى وانت كنت لا ارى اختلافا بينهما.

فقط النسوية لديها القدرة ان تجعل اي معضلة معضلة جندرية، فعقلية الضحية التي تجعل كل شيء تواجهه المرأة ثمن كونها ليست رجلا فقط ، من دون الأخذ بعين الإعتبار ان الرجل قد يمر بالشيء ذاته.
فيجب حسب منطقهم للمرأة ان تسعى وراء المساواة ، سواء استوت بالحسن ام بالشنيع، فقيمة وجودها ومقياس ارتقائها يعرف بمدى تشابه دورها بدور الرجل في المجتمع، لا بمقاييس تخصها وتضع في عين الأعتبار حاجاتها هي.

ونرى ان الكثير من من يدعون التقدمية ينخرطون في هذا الفكر محاولةً منهم أخذ دور انساني معين يتصف بالعدل، وأثناء ذلك ينتهي بهم المطاف بعمل نقيض مرادهم ومهاجمة كل من تختلف مبادئه مع هذه الايدلوجية المهلكة.

الدفاع عن شرعنا وحدود ضوابطنا من مطالب النسويات التي أخذت منحنى الإجهاض والتعري لا يتطلب الكثير، فنهجنا هو الفطرة والمنطق.
شرعنا ليس بشتات شهوات نفوس و ليس بأداة وصول دنيويةٍ تدعي الإنصاف وهي لا تصله بأي معنى، وواجب علينا العمل لبناء مجتمع كله يقين بهذه المفاهيم، ويدرك تمام الإدراك معنى العدل سواء كنا نتحدث عن المرأة ام الرجل.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!