كتب. د. عدي العدوي. أمي.. أمي وكفى

لآفاق حرة

أمي.. أمي وكفى

أمي لا تعرف ديستوفيسكي أو دافنشي او حاتم الطائي وتختنق عندما أطلب منها ان تلفظ أسماءهم..
تستيقظ صباحا لصلاة الفجر و تسقي الورود ..
لاتشرب القهوة السوداء على صوت فيروز
فمزاجها ليس معكراً كبقية المثقفات..
في قيظ الصيف تبتسم لرغيف الخبز وهو في الطاجين..
تمقت السياسة و تبكي عندما تسمع بمقتل أي شاب دون أن تعرف سبب مقتله..
ليس لديها حساب على الفيسبوك لتعبر عن حزنها..
ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺷيئا ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﻭ ﺃﻏﻨﻴﺎﺕ الفا بلندي .. ﻛﻨﺖ ﺃﻗﺒّﻞ ﻳﺪﻫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺧﺒﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ ﻭ ﺣﺒّﻲ ﻟﻬﺎ
لكن ﺫﻟﻚ لا ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻔﻌﻲ ﻭ ﺇﺧﺒﺎﺭﻱ ﺃﻥ ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟسن ﺩﻣﻰ ﻟﻠﺤﺐ ﺗﺎﺭﺓ..و ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺤﺒﺔ ﻟﻠﻘﺮﺍﺀﺓ …لكنها ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺐ ﺃﺣﻼﻡ ﻣﺴﺘﻐﺎﻧﻤﻲ ﻷﻥ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺎﻋﺪها ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻕ ﺍﻟﺤﻄﺐ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﺘﺤﻀﻴﺮ خبز الطاجين و المشاوي ..
ﺻﺮﺕ ﺃﻻﺣﻆ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺆﺧﺮﺍ لكنها ﺗﻜﻨﺲ ﻭ ﺗﻐﺴﻞ ﻭ ﺗﻄﺒﺦ … ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺎﻛﺮﺍ ﻭ ﺗداعبني ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻭ ﺗﺤﻚ ﺟﻠﺪﻱ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻲ بدون امك تضيع ..ههههههه ….
ﺃﺣﺒﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻭ ﺃﺣﺐ ﺗﺠﺎﻋﻴﺪ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭ ﺭﺍئحة ﺍﻟﻌﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻀﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪيﻫﺎ ﺍﻟلتين ﺃﺻﺒﺤﺘﺎ ﺻﻐﻴﺮتين كيدي ﺭﺿﻴﻊ
ﺃﺣﺒﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﺑﺼﺮﺍﺧﻬﺎ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻬﺎ ﺑﻐﻀﺒﻬﺎ ﺑﻔﺮﺣﻬﺎ
أحبها ﺑﺒﺮﺍءﺘﻬﺎ ﺑﻄﻴﺒﺔ ﻗﻠﺒﻬﺎ
ﺃﺣﺒﻬﺎ و ليتني ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺇﺧﺒﺎﺭﻫﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻌﻨﻲ ﻭ ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻟﻦ ﻳﻨﻈﻒ ﻧﻔﺴﻪ
أمّي ليست شيوعيّة ولا ناشطة و لا مثقّفة..
انها امي وهذا كل ما يكفيني.
(رحم الله أمي وامهاتكم اصدقائي )

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!