كـــأس مــــاء/ بقلم: شوقي دوشن ( اليمن )

دائما أختار أنا المكان الذي يبقيني على مقربة من فتاتي كي يتسنى لي أن أرمقها بعينين ملئهما الحب. نعم ..الحب ،أحبها من كل أعماقي .أبتهج وأطرب حين تبادلني النظرات قبل أن تشيحها عني و تعطيني ظهرها. ما يؤلمني حقا أنها في أوقات كثيرة تتغافل عني بتقليبها كتابا تتظاهر بقراءته أو تنشغل بتفحص هاتفها النقال.
ترنحت في أحد المرات عندما حاولت السير للوصول نحوها ،لكن أمي تمسكني من كتفي وتمنعني هازة رأسها يمنة ويسرة .تجلسني على المقعد ثانية وتأخذ منديلا ورقيا وتمسح لعابي الذي لا
أتمكن مطلقا من التحكم به ومنعه من الأنهمار مبللا ثوبي.
تنهض فتاتي وتغادر المكان دون سلام أو التفاتة. أتوجع كثيرا .فتطلب أمي مني أن أقف ونغادر الحديقة. أمشي بمساعدتها مشيتي العرجاء. تسندني بيديها من جهة يدي السليمة متحاشية يدي الأخرى المعقوفة عند الكف.
عندما يأتي الليل تصيبني حالة هياج وصراخ عنيف .يأتي أخوي لمساعدة أمي ويمسكانني كل من جهة ويجرعونني كأس ماء لا أدري بعدها شيئا ، توقظني أمي لتخبرني أن النهار قد طلع .أفرح وأستبشر لأنها ستأخذني لنزهتي المعتادة حينها سأتمكن من رؤية حبيبتي مجددا.
في الحديقة انتظرت طويلا مجيئها وقد خاب ظني،ذرفت دموعي وبكيت بحرقة. أعود للمنزل مبقيا على أمل اللقاء بها في الغد .تنتابني حالة الهياج ككل ليلة،لكنني في هذه المرة صممت وبقوة على طلب ذلك الكأس من الماء أملا في أن يأتي النهار بسرعة.

شوقي دوشن

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!