هل السقوط حقيقة/بقلم:ماهر باكير دلاش

كانوا من البدايةِ أوراقَ عُمرٍ يابسة، تتمسكُ بك لأنها تخاف السقوط لا لأنها تحبك، أنت من جعلتها في عينيك أوراقاً نضرةَ وحاولتَ مراراً أن تحافظ عليها، أنت من أعطاها نُضرتها..

ثم في غفلة منكَ سقطت، فلا أنت لحظتَ غيابها، ولا هابت هي السقوط..

أنت الذي لشدة انتباهك ألا تخسرها، خسرتها دون أن تنتبه أنك وللمرة الأولى لا تريد منها أن تبقى..

لم تعلمنا القسوة أن نؤذي، علمتنا أن نقسوا ونتخلى كأننا ما قضينا عمرنا نتشبث..

كأنَّ اعتياد الخذلان يجعلك تخشى أن تشعر بالأمان مُجددًا، ولو لحظيًا، خوفًا من أن يُسرَق منك مُجددًا، ويتركك خاويًا من كل شيء إلا الخوف..

الإنسان مليء بالتناقضات مهما أنكر ذلك، إن بداخله أصواتاً متضادة و هو يصغي لها جميعاً في أوقات مختلفة فيبدو تناقضه واضحاً للجميع. و لا يفزعني من يصرخ بي “أنت غلطان يا سيد”. طبعاً من الوارد أن أقع في الغلط. هل هذا غريب؟ و هل أنا أبله حتى اكون على حق دائماً؟!

على الرغم من هذا الكم الهائل من الدروس التي تقدمها لنا الحياة، قد نفشل في اتخاذ القرار المناسب تحت تأثير العاطفة!!

لا شك أنه عندما يشعر الإنسان بالمحبة تتغير جودة الأيام في عينيه للأفضل، تزهو اللحظات، وتتمدد الراحة في كل لحظة، لا يطلب المرء أكثر من هذا؛ محبة صادقة دون حاجة أو دافع، محبة حنونة تأويه ،وبوسعها إزاحة التعب عن روحه.

إن كلُّ شيء يَمُرُّ به الإنسان في حياته لا بُدّ منه، كلُّ شأنٍ هو ضرورة، كلُّ حَدَثٍ هو حاجةٌ مُلحّة، كلُّ أمرٍ نَمُرّ به من فرحٍ أو حزنٍ، من سِلْمٍ أو حرب، من حُبٍ أو كُره، هو نفَسٌ من أنفاسنا لو لمْ نمُرّ به لاختنقنا وعُدْنا إلى العَدمْ.

السقوط وهم نقع فيه ،‏وأعتقد أن أكثر ما يَقتل في الإنسان عافيته هو ألا يكون على وفاق فكري مع الأشخاص الذين يعاشرهم كل يوم، مأساة لا نهاية لها، فتتمثل له حالة من السقوط!!

لماذا لا نكون في حالة سقوط للأعلى؟ لا يهم ماذا تكون الكلمات، لا يهم عن ماذايدور الحديث، لا يهم أين المكان أو الزمان، فأجمل الكلام حين يكون ويخرج من القلب ليصل الى القلب ،فليكن الهروب دائما إلى الداخل، إلى الأعماق ، فالبعض يهرب إلى خارجه، والبعض يهرب إلى لاشيء!!

غربة الروح هي التي بداخلك تجعلك آيلا للسقوط..عندما لا تستطيع قول ما ترغب، وعندما لا تستطيع سرقة لحظات من الوقت خصصت لك!!..

عندما ترى أنك غير موجود !!..

او عندما تضع حواجز بينك وبين من تحب وترغب أن تشاركهُ اكثر لحظات حياتك ضعفاً ..شوقاً ..وألماً!!…

عندما لا تجد ما تقول وتكتفي بكلمة تختصر بها كل المعاني !!..

تكون هي التي تكلمت عنك !!..

أنت في صمتك حكاية غربة!!..

غربة من نوعٍ آخر…

غربة مشاعر وروح…..

كادت …تقول:

نحن أصبحنا عن انفسنا غرباء..

لا غربة أشد وطأة من غربة الروح على الروح …ولا حنين أثقل من حنين المرء إلى نفسه…لاجئون على شواطئ الغربة….

غربة الروح الى الجسد..الشوق إلى السقوط؟!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!