النافذة الثانية / بقلم الأديبة عنان رضا المحروس

ساعــة الغضـب ليس لهــا عقــارب  “غاندي”

 

تقضمُ أظافرها بنهم ِ وحشٍ جائعٍ ، كوابيس مزعجة في رأسها تضجُ بضراوة ، وتمنع عقلها عن التفكير .

وكأن صوت النسمات الصيفية في تلك الليلةِ الهادئة ، قد تحول لصوتِ عويلٍ تصدرهُ ريحٌ عاصفة دونما هوادة .

ينعكسُ خيالُ صورتها على زجاج النافذة فتستغرب ما ترى !! ..

تحوّلَ وجهها الملائكي إلى مخلوقٍ بشعٍ قبيح .

رائحتها الزكية اختفت .. شعرها الداكن اللون الجميل تحول إلى شظايا نووية اكتسحت الأرجاء ..

خصلة منه نامت على جبينها وأطفأت بريق عينها برمادٍ قاتل لا يرحم .

بشرتها الناعمة وأناملها الرقيقة سكينُ طعناته تُدمي بشراسة ولا تستكين ..

وفي لحظةِ رفضٍ وغضب تتواطأ الحواس الموجوعة لتستعد للقتل ، قتل ما كان وما سيكون وتتساءل ..؟!؟

من أين لي الصبر الذي قد يزيل الألم ..؟

ومن أين الروح القوية التي تهزم الضعف والخيبة ؟

لماذا ننسى قيمة الأشياء عندما تكون لنا .. نغالط أنفسنا ونطارد الوهم ،ونعتقد أن المتاح لا يستحق العناء …

لماذا ؟!!؟؟..

كل منافذ الهروب تؤدي إليه .. حتى الساعات استغنت عن عقاربها  وامتلكت مخالب دقائق حارقة نشبت أنيابها داخل الشرايين حتى انفجرت حجرات قلبها ..

أصبحت الأصوات متشابهة كأنما أصابها الصمم ..

تماثلت الألوان مبشرة بِعُميٍ يريحها من قسمات وجهه الغريبة التي أصبحت تراها بوضوح كلما اشتد العراك بينهما ..

من المخطئ !!!

لا يهم …

المهم .. ما آلت إليه تلك العلاقة من بلوغ عتبةِ المقصلة .

المفارقة المهمة .. هي ارتبطت برجل تغير .. وهو ارتبط بأنثى صامدة لا تتغير .. لكنه يجبرها على التشكل كيفما يشاء .. وهي تقاوم وتقاوم ..

أغلقت خلفه ُ الباب بشدة ونظرت مترقبة إلى الشارع وهي تعلم أنها لن تلمحه لأنه اختفى من قلبها قبل أن يختفي عن ناظريها ..

لماذا .. ؟؟!

عندما يحب ُ الرجل امرأة فإنه على استعداد أن يفعل أي شيء لأجلها إلا .. إلا أن يبقى في حبها كما كان .

وترجع بذاكرتها لسنين مضت :

كنتُ له وردةً يمّم لي قلبهُ ، وكان لي ناياً جسوراً يغنيني عن كل الألحان  .

تأملت الطريق الموحش وفكرت :

كنا نحاول دائماً أن نسرق من الزمن لحظاتٍ جميلة سعيدة .. سعادةَ حُلمٍ غبي .. ووهمٍ أغبى .

لم يخطر ببالنا أنْ لا لقاءَ يدوم ، وتصاريف القدر وإن طال الزمن هي الحاكمة .

كم فرحنا ،وكم بكينا ..

 

جمعتنا سنين ،وتخطينا صعوبات بابتسامة رضا

ولكنها الحياة ..

مجموعة صور باهتة تنحرُ الواقع كما تُنحر أضاحي العيد ،

لن أتراجع

سأمضي في قراري للنهاية .. لن أغفر له

فليسَ هو إلا قاتل صامتٌ لروحي .. دواء بطيء يحمل ُ بطيات شفائه المزيف كل الداء .

بحر هائج تبشر موجاته بالغرقِ المحتوم ..

لا أمل فيه يُرتجى

لن يتغير .

سألقيهِ في سراديب النسيان وأرمي فوقه رماد ما تبقى من ذكريات .

سأقلبُ الصفحة وأحرقُ الكتاب بلا ندم على ما سُطِرَ فيه ..

لقد أخبرتكَ يا أحمق أنّ كرامتي فوق حبك اللعين وأن يديك الآثمتين محظورٌ عليها أن تلمس جسدي إلا بحب ولهفة

ولسانكَ مجرم وجبَ عقابهُ بالقطع إن لم يكن ينطق عشقاً

لو تعلم ..!؟

أن المرأة تكره بقدر ما تحب

وأنا أنثى تختلف عن كل النساء

حدودي كل المجرات في حبي .. إن أحببت .

أين .. الوعود الكاذبة .. أين قسمك ؟؟

لماذا تراجعت ،

وأنت تعلم أن التراجع منصة الذبول

وصلتَ إلى، حدِ الكفر معي والكافرُ يُصلب على أعمدةِ شركهِ بلا أسف ..

هذه المرة الغفران من المستحيلات،

تراجعت عن النافذة خطوة .. شعرت بحركة لظل ٍ قريب

واختلطت رائحة الياسمين برائحة تعرفها منذ سنين

إنه هو

لم يخرج ،ولم يتزحزح من مكانه ..

التفتت واختفى غضبها فجأة ..

لمحت نظرهُ الشاخص المتعب ،وكل مسام جلدهِ يعلن الأسف والاعتذار ولسانه يكرر بصوت مسموع بصعوبة

” عظيم الشر ِ من شرارة “

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!