المجند / بقلم : محمد بنعمر / المغرب

عند كل خطوة يميل جسده الى  جهة ، ويحدث فرقعة كلما وطأت إحدى رجليه الارض .  يرتدي زَيّاً أخضر حائل  لونه وفوق رأسه طربوش  ، يتقدم بركبة متصلبة كالخشب . رجع المجند بعد غياب طال سنة  خالها أقرباؤه عقودا طويلة . تغيرت ملامحه ، جلده المدبغ بالشمس الحارقة أصبح شاحبا ، نظراته المشعة أخمدت في عينين غائرتين  ، تدعوان للشفقة على قدره المشؤوم  .
إشاعات  وصلت  بسرعة البرق الى قريته  البعيدة التي لا  توصل  إليها الا  طريق ملتوية نحتتها  حوافر الدواب  ودكتها مداسات الأرجل . شاع  أن المجند الذي  ذهب ليقاتل المرتدين توفي  ، فى  البداية أصيب بالرعب   لرؤيته مخلفات الحرب  و تبول في زيه : جثث ممددة ، أطراف  مبتورة  و متحللة ، غير أنه سرعان ما آلفها و وتلاشى خوفه ، لملم قواه و  قاتل ببسالة  ، غير أن قنبلة فاجأته  في مخبئه   و فرقعته .    وبعدها غابت أخباره .
ارتبكت أسرته ولَم تعرف ما يجب فعله ، أتذهب للاستفسار عنه  في الثكنة التي ينتمي إليها أو تقيم طقوس الدفن وتدعو الى صلاة  الغائب ؟ ولكن حدس الأم كان مغايرا . ظل أمل العودة عالقا بأجفانها التي لم تصدق خبر إصابته ، و أنه سيعود قريبا . صار الإنتظار حدادا لا ينتهي ، أحرق قوى أهله . وفجأة ظهر في الأفق طيف كما في حلم وفرقعة الخطوات أيقظت الأم من غفوتها   وبددت حزنها عندما رأت ابنها من لحم وعظم

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!