بعد سنوات اعتقال قضاها في سجن المِزّة العتيد. قيل وقتها:
– “مُجرّد تباين في وجهات النّظر، فعبّر مُغرّدا خارج السّرب، لكنّه لم يشتطّ كثيرًا”.
وللعودة إلى مسار السّرب، أنشد بعد الإفراج عنه؛ فسمعه جميع أهل القرية:
– “يا بعثُ قد هيّجتَ أشجاني // ذكّرتني أهلي وأوطاني).
ابيَضّت صحيفته.. فيما بعد استلم مهامّه كمدير لمدرسة ابتدائيّة إلى حين إحالته على التقاعد عند بلوغه السّتين.
قبل نهاية الألفيّة الثانية صدر مرسوم جُمهوريّ بتحويل السّجن إلى متحف، وسائل الإعلام المحليّة والعالميّة جاءت على الخبر تفسيرًا وتحليلًا، بالمعقول واللامعقول. واعتُبِر ذلك. وقتها:
– “خطوة على طريق الانفتاح الدّاخليّ المأزوم والمُتشنّج”.
وفودٌ كثيرة توافدت على المكان أبهرتها ألوان قاعاته الزّاهية، وأضواؤه المُشعّة فأضاءت عتمة الزوايا المظلمة.
بعد زيارته الطوعيّة للمتحف، انطوى على نفسه مُمعِنًا في عُزلته القهريّة، وثرثرته مع نفسه لم تتوقّف إلّا مع لفظه لآخر أنفاسه.