سأعترف \ بقلم : الروائي محمد فتحي المقداد

وأنا بكامل قِواي العقليّة دون ضغط أو إكراه؛ سأعترفُ بغبائي.
الدّهشةُ تأكلُ ملامحَ الطّيبة والبراءة من وجهه.
شعوري يُخبرني بما يجيشُ في صدره:
– “مؤكّد أنّ فطين جُنّ جُنونه”.
تيبّست شفتاه إطباقًا على صمت لسانه. عيونُه أرسلت لي:
– “ما الأمر يا صديقي، ومنذ وَعيتُ عليكَ في سنوات صِغرنا عرفتُك نبيهًا فطينًا، ما الذي دَهاك؟”.
بصوتٍ مسموعٍ لجوارنا على الطّاولات القريبة:
– “للمرّة الأولى في حياتي ركّبتُ ثمّ فكّكتُ شيئًا لن أُفصِح لكَ ماهيّته..!!”.
حركةُ حاجبيْه للأعلى تزامنت مع اهتزاز رأسه يمنةً ويسرةً؛ أوحت لي بتساؤله:
– “لم أفهم عليك..!!”.
أخفضتُ صوتي مخافة إزعاج الآخرين:
– “وفي المرّة الثانية نسيتُ إعادة تركيبه وتركتُه مُفكّكًا.. النسيانُ مُعضلتي”.
ما زالت عيناهُ تُرسلان لي صدمة حَيْرتِه:
– “صديقي.. كي لا أبتعدَ عنكَ كثيرًا، وتشتطّ بك الظّنون؛ إنّها فكرةٌ راودتني زمانًا.. أنهكتني اشتعالًا، لكنّها طارت..!! يا للأسف، وضاعت ملامحها”.
نوبة ضحكٍ مفاجئةٍ انخرط بها صديقي؛ نبّهت عابري الطّريق على الرّصيف المقابل للمقهى، فضلًا عمّن حولنا.
انعكس الأمر بانتقال حالة صديقي لي أثناء حديثي معه.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!