خاص لصحيفة آفاق حرة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سلطان النّوم
قصة قصيرة
بقلم الروائي- محمد فتحي المقداد
رنينٌ مُتواصلٌ على مدار دقيقة كاملة، يُصارع ظلام الغُرفة بإصرار عنيد على أداء مُهمّته المُؤتَمَن عليها. لا يهدأ إلّا غفوة قليلة لمناوشة فرصة جديدة قاطعًا سلسلة سيرة شخير ونخير بموسيقاها الصّاخبة كاسرة صمت اللّيل الموحش بهدوئه المُريب، وظلامه المُخيف بتخيّلاته الدّائمة.
يدُ فطين تتحرّك على غير هُدًى بحثًا عن مصدر الصّوت، المُنبّه غير مُراوغ في تعبيره بإعلانه الصّريح حتّى وإن كان مُزعجًا، استمرّت وتيرة الحُلُم المناوئة لعناد الرّنين إلى مَدَايات تقطر تفاؤلًا:
“المدينة عادت إلى سابق عهد شبابها الأوّل، قبل أن تشيخ في ربيعها القرمزيّ اللّون على مدار سنواتها العشر. في عيد شمّ النّسيم خرج العمّال للاحتفال بمنجزاتهم التي يفخرون بها مُباهاة.
هُتافاتهم للوطن ألهبت أصواتهم.. ميدان السّاعة في حمص شاهدٌ على تشكيل الصّورة، والطّائر اللّيليّ في تلك لم ينم عندما جفاه النّوم، فَجَعه هَوْلُ ما رأى من اقتحام الجنود للاعتصام السّلميّ المُرابط، قبل مُغادرتهم.
ظنّ أحدهم أنّ طائر اللّقلق رأى ما فعلوا؛ فصوّب إليه رشقة رصاص من بندقيّته الآلية قبل أن يهرب من عُشّه.
في الصّباح عادت السّاحة نظيفة تمامًا، غسلها عمّال البلديّة استعدادًا لاستقبال وفد دوليّ، نبضُ الحياة تجدّد بشكل طبيعيّ، كأنّ اللّيلة الدّامية تباعدت زمانًا لم تكن قبل ساعات.
استقبال باهرٌ هُتافاتُ المؤيّدين الغاضبة على الإرهابيّين، وأعضاء الوفد كأنّهم لا يسمعون وليروْن شيئًا، أقلامهم تُسجّل ملاحظات لا أحد يعرف ماهيّتها، عدسات كاميراتهم تُوثّق ما ترى أمامها مُكذّبة روايات اليوتيوب المُفبركة، برج السّاعة طالته يدُ النّظافة.
لا أحد يلاحظ أحزانه المكتومة، وما زال مُنتصبًا بشموخ، مُعاندًا رنين المُنبّه”. انقلبتُ إلى الجانب الأيسر مع مهلة غفوة التنبيه بعد دقيقة من الأولى.
عمّان –الأردن
ـــــا 9\ 10\ 2020