شهوة حمدان/ بقلم : فتحي عبد السميع

لم يكُنْ حمدانُ بهلوانا

لكنه اشتهى أن يكونَ فراشةً

ربما أَدْهَشَهم بألوانِه الزاهية

وأيقَظَ رقصُهُ منارةً في أعماقِهم.

غَرَزَ في جنبيه الريشَ

وحينما رَفرَفَ في الفراغِ

تناثَرتْ دماؤه.

لم يَعبأْ بجراحِه

بقدْرِ ما حَزنَ على خرابِ رقصتِه.

تباروا في ركْلِه

وهُم يَعرِضونَ عليه ثيابَهم

وقد اتَّسَختْ بدمِه.

لكنَّ رَكَلاتِهم

كانت أبسطَ مِن عكارةِ صدرِه

لم تَمنعْ ابتسامتَه

وهو ينظرُ إليهم

مُنحدِرينَ بعيدا عن حُطامِه.

في مرةٍ ثانية

اشتهَى أن يكونَ حِصانا

رآهم يشتاقونَ إلى الصهيل

فوقَفَ على أربعٍ

وحَرَّكَ حافِرَه الأيمنَ

كَمَنْ يَنبشُ برفقٍ

حَكَّ حَدَقَتَيْه في الفضاء

ورَكَض.

نَظرَ خلْفَه بعدَ لحظاتٍ

كانوا منقلِبينَ على ظهورِهم

يَضحكون على ضُراطِه

وصهيلِه الذي يُشبِهُ بكاءَ معزة.

شَتَمَهم بثقةٍ وامتعاض

وحَلَفَ بقبرِ أُمِّهِ

أن لا يَرأفَ بأحوالِهم مرةً أخرى .

فجأة

وَجَد نفسَه وسطَهم

كانوا يتحدثونَ عن حبيباتِهم

فلم يَحتمِلْ الصمتَ.

لم تكُن لديهِ حبيبةٌ يُحدِّثُهم عنها

فَحَكَى عن جِنيَّةٍ تُعاشِرُه

  وهو يسيرُ في الجبَّانةِ

يَجمعُ كعكاً وفاكهةً

 ـ كعادتِه كلَّ خميس ـ

سَمِعَ عجوزا ترجوهُ أن يسقيها

ألقَى الصفيحةَ في البئرِ

وبينما كان يُخرِجُها بعناءٍ غريب

فوجِئَ بجميلةٍ تَجلسُ فوقَها

أفْلَتَها صارِخا

وهوتِ الصفيحةُ في القاع

لكنَّ الصبيَّةَ كانت مُمْسِكةً برقبتِه

وقبْلَ أن يُحدِّثَهم عن قُبُلاتِها

وعقدِ زواجِهما الذي أخرجته مِن تحتِ جفنِها

نَظرَ حولَه فلم يَجِد أحدا

نادَى

جاوَبَته أصواتٌ غريبةٌ

وقبْلَ أن يُكمِلَ آيَةَ الكُرْسِيّ

هَروَلَ هارِبا

وخرجوا مِن مَخابئِهم يَضحكون

بينما يَتطلعونَ في غيابِه

ويُمجِّدونَ نوادِرَه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من مجموعة (الخيط في يدي)

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!