“ثمن”(النص الفائز بالمركز الأول لمهرجان أبابيل الثقافي في العراق ٢٠٢١) قصة قصيرة بقلم/ حضية خافي – السعودية.


ثمن”

(النص الفائز بالمركز الأول لمهرجان أبابيل الثقافي في العراق ٢٠٢١)
قصة قصيرة
بقلم/ حضية خافي – السعودية.

 

هل تعرفون أين موقعي الآن؟ إنني أقف بشكل مستقيم في حنجرة طفل في الرابعة من عمره.
كنت مع مجموعة من فصيلتي نفسها في درج إحدى بقالات الحي القديمة كلّما وضع ذلك العجوز يده متناولا عملة أخرى، أو ورقة نقدية يمسح علي ويتركني. مضى على مكوثي ما يقارب السبعة أيام؛ حين استبدلني صاحبي بعلبة سجائر مع مجموعة من العملة الورقية، كلما أدخل يده في صندوقه دُفِعت لنهاية الصندوق إلى أن جاء يومٌ ودفعني بقوة لأسقط على الأرض تدحرجت في البداية لأقع تحت قدم أحد الزبائن وكان ملطخا بالطين فتغير لوني ولم تعُد نقوشي تُرى، بعد ساعاتٍ جف التراب المبلل الذي يغطيني وكان بجانبي مغلف شيبس سقط من أحد الرفوف تقدم إليه طفل ليلتقطه وحين جاء رآني فتناولني بيده الباردة ووضعني داخل جيبه الصغير، كنت سعيدا جدًا لكن حين وصلت لنهاية الجيب واصطدمت بأكياس أخرى في البداية لم أعرف ماهي لشدة الظلام لكن من الرائحة والرطوبة عرفت أنها مغلف لعلك .. يبدو أن هذا الطفل مولع بالمضغ، كان كلما توقف عن السير يدخل يده في جيبه متحسساً المغلف ويسحب منه واحدة، ترافقنا ما يقارب الساعة أدخل يده في جيبه أكثر من أربع مرات وفي المرة الأخيرة كانت سريعة جدا فلم أشعر إلا وأنا ضمن مغلف العلكة في فمه ابتللت أنا والعلكة والمغلف بلعابه لكن سرعان ما طرح المغلف ونصف العلكة من فمه بعد أن تلقى صفعة قوية على خده من أمه التي كانت ترافقه ثم أقفل فمه.
أدخلت إصبعها في فمه سريعا كانت تبحث عن باقي العلكة لكنه كان ينقلني وبعض قطع العلك عكس اتجاه إصبعها حين وصلت إليّ تحسستني .. صرخت بهلع لكن لسانه كان أسرع حين كُشِف أمره دفعنا للخلف وابتلعنا.. في البداية التصق بي العلك لكنها سرعان ما صرخت مرة أخرى وحاولت ضربه على ظهره لعلي أخرج لكنني للأسف لم أستطع .. حاول الطفل جاهدا التقيؤ وهي تصرخ .. لكن لم يستطيع كنت في بداية حنجرته الصغيرة كاد يختنق لولا ستر الله عليه، ضربته مرة أخرى شعرتُ بانزلاق العلكة التي بجانبي … سقطت بعيدًا في المريء وبقيت أنا معلقاً لم أستطع النزول ولا الخروج.
الآن نحن ممدان على سرير الأشعة المقطعية في المستشفى بانتظار بدء عمل الأشعة ثم العودة للطبيب ليكمل التشخيص.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!