ملاك / بقلم : الشاعر صابر العبسي العبسي‏

مرتشفا اخر قطرات المرارة في فنجان القهوة بكافيتيريا القرية حطت امامي على المنضدة ورقة صفراء جافة كتب عليها بكل بساطة
الملاك الذي انتظرته من الف عام اتى ولكن من الاستحالة ان تراه او تلتقيه
لففت الورقة في جيبي ..
وقفلت الى الغرفة لم اجدها وقبل ذلك لم اجد الطريق اليها ولمحت في خضم مهرجان التنهدات والدموع والغصص لمحت في ذروة هيولات المتاه والوحشة لمحت الملاك عابرا بقبعته الحمراء مرفرفا ناديته هاي حبيبي انتظر وعدوت كالسلوقي في اثره الى ان توقفت في ذؤابة شجرة الصبارلاادري كيف امكنني تسلقها ولم استطع النزول فيما الملاك كان على الارض يتخبط في دمه …وهو يتوارى كنت اصرخ مادا يديّ اليه وهو حتى اخر اللحظات لايلتفت اليّ .. ذهبت كل صيحاتي زبدا وسدى والريح اللعينة لم تهب لتسقطني حذوه وان هبت لسوء طالعي فستطوح بي بعيدا عنه وانا عالق باعالي شجرة الصباّر
هناك كمنديل طرزته يد الخسارات والفقد والمرارة
لملاك انتظرته من الف عام لااذكر اسمه الكرزي مخافة ان ادنسه او ان انتف ريشات جناحيه وكانت الصبارة من فرط نواحاتي عليه قد تحولت الى رمح والدموع التي تنزّ من قلبي صارت بحيرات من القطران وجبالا من الجماجم وسماوات من الحمم .. ما اوحش ان تخبّ ملاكا وتلتقيه ثم يغادرك فجاة بعد ان يقنعوه بالرحيل نكاية به وبك وانت لم تزل عالقا باعالي الصبارة تلك التي باتت خازوقا فيما الملاك على القاع ملقى كخاتم يبرق دمه في الجهات شقائق نعمان كان لابد لي من عقود اخرى ان اظل هناك معلقا بين الثرى والثريا بين السماء والارض الى ان ياتي حطاّب باسنانه البيض وسواطيره اللامعة كي يقطع جذع وجذور الصبارةويخلصني من كل هذا الدمع والدم من كل هذا التيه المفتوح على الفجيعة والاحتضار واليتم
ما اكثر الحطابين هنا ولا حطّاب واحد انتبه الى هذه الصبارة … ربما ربما كانت روح الملاك الذي انشبت فيه مخالبي واظفاري ظلت تحرسها وما مخالبي واظفاري الا كلمات مفخخة بالعواسج والجمر ومضمخة بالبارود والنصال والمسامير … ملاكي الطاهر ..ملاكي الضال انتظرتك الف عام وقد شببت عن الطوق لماّ هللت غبّ ربيع ولكن ما ان بلغناك لاحتضانك اختفيت ومن لحظتها اختفى اي اثر للشمس والربيع …لم يبق لنا منك الا النواحات هناك اعلى الصبارة في الظلمة
اه ما اوحش العالم
حين يفقد الطفل فينا ملاكه