على سبيل الانتظار/ شعر : الشاعر الأردني علي الفاعوري

حينما في الليلِ ألمحُ وجهكِ الصّوفيّ
يطرقُ الأبوابَ ..
أصحو مثلَ شمسٍ حائرةْ
حينما تجتاحُ عيناكِ النّوافذَ
تدخُلُ غرفتي من قلبِها
تُشعلُ الضوءَ الذي قد أطفأتهُ الذّاكرةْ ..
حينها
تدنو القصيدةُ من فمي
يغفو دمي ..
ويصيرُ صوتُكِ خيطَ نارٍ قد تدلّى
من سماءٍ عاشِرةْ ..
ويصيرُ شَعرُكِ موجعٌ مثلَ القصيدةِ حين تنبُتُ
من مياه الخاصرةْ !
واكونُ وحدي .. كالغريقِ
أسابقُ الأنفاس كي أنجو
وأُرسلُ ما تبقّى من طيور العمرِ حتى أستعيدَ فصاحتي
فترجِعُ خاسِرةْ ..
حين المحُ ظلّكِ المائيَّ ينسابُ على كلّ ثيابي
كعطورٍ فاجرةْ
تسقُطُ الدّنيا على رأسي كمأذنةٍ عجوز
وأعدُّ خيلي للرحيل
وأشتري بعضَ الصّهيل
وأمتطي سُحُباً تُهاجرُ باتجاهِ الآخِرةْ ..!

وعلى سبيلِ الانتظار ..
أنا
ككُلِّ العاشقينَ لي عنبٌ يطيبُ
ولي شطحاتُ شوقٍ كالعُصاةِ من الرّجال
ولي قمرٌ حبيبُ ..!
أنا .. ككُلِّ العازفين على القلوبِ
ادقُّ أجراسَ العيونِ إذا اشتهيتُ قصيدةً
وأعلِّقُ المصباحَ في بابِ الحكايةِ كي يراني الليلُ
وامرأةُ التُّرابِ الغضِّ
والرّيحُ الّلعوبُ ..
لي كالبحارِ دفاترٌ ثكلى
ولي رأسٌ معبأةٌ
ولي شفتانِ تتّقِدُ ..
وأشجارٌ على ميعادها تلِدُ ..
ولي ولدُ !
فأيُّ غوايةٍ أختارُ كي يجتاحَني الزّبَدُ ..؟!
نصفُ الحقيقةِ موجِعٌ
فعلامَ تسألُني الصّبايا عن جفافِ مواسمي ..
وأنا الرّذاذُ المُستحيلُ شتاؤُهُ
قدمايَ تبلَعُني هنا ..
وهُناكَ فوق جدارِها
ظلّي صليبُ ..

وعلى سبيلِ الانتظارِ
انا ككُلِّ الطّيبينْ
أقسو على رئتي بقُبحِ سجائري
وتعُضُني شفتي
إذا ما نمتُ متكئاً على ندمي اليمينْ ..!
شبِعتْ صباحاتي من القصصِ المُعبأةِ النّوايا
ومن بقايا صبوتي
شبِعتْ سنينْ ..
مُتهالِكٌ وجهي الذي قد قيلَ
ذاتَ بشاشةٍ
أنَّ الشّموسَ تجمّعتْ في جيبِ سُترتِهِ
ونامتْ
غيرَ آبِهةٍ بعُمرٍ قد يجيءُ بلا شتاءْ !
منذُ ابتدأتُ الرّحلةَ الأولى
وقلبي ، رغمَ قسوتِهِ
يُداعبُ طفلةَ الكلماتِ
حتى أينعتْ لُغتي
وأنكرت الإناءْ ..
مُتهالِكٌ وجهي ..
كآخرِ آيةٍ تُتْلى بعمرِ الأنبياءْ !
وما انا قارئٌ بعدُ النّصيحةَ جيداً
ولا انا مستعدٌ لاحتمالات النّساءْ !
وعلى سبيلِ الاكتفاء
انا ككُلِّ السّائرينَ
تحمِلُني الدّروبُ
أمشي لأبلغَ جبهتي
وهُناكَ
أقتُلُ ناقتي
وأتوبُ ..!

مُتَعثّراً بدمي
سأُكمِلُ ما بدأتُ بهِ الحكايةَ
ثمَّ أُغلِقُ دفتري
أنا حينَ ألمحُ وجهكِ الكوفيَّ
أصمتُ كالشّجرْ ..
وأصيرُ هيكلَ عاشقٍ
كي تستريحي من عناءِ تردُّدي
وتقمُّصي لغةً تُحاورُ نفسَها دوماً
وترجعُ آخرَ الحُلمِ
سؤالاً من ضجرْ ..
مُتعثراً بفمي..
ألُمُّ حكايتي
وأصُبُّ آخرَ ما تبقّى من نبيذِ صبابتي
وأشربُني
كخيلٍ تنتحرْ ..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!