قراءة في تص / بقلم : الناقد المغربي أحمد وليد الروح

 النص 

وجع المساء 
بقلــم  : محمد صوالحة 
*******************
منذ رحلت 
وبعضي عن بعضي 
يبحث 
وحرفي كسيح
يزحف يزحف
يبحث عن رأس الصفحة
او
عن ذيل الصفحة يبحث
عساه
بسطر يتعثر
كي يرسم
شكل الكلمة
وانا يا انت
منذ رحلت
صرت كغصن عراه الريح
اتعبه صفع الشمس
انهكه هذا الليل البارد
ادمته صور الايام
أرهقه مشوار العمر
يا أنت
اني اتيك
اتوسد صدرك
وأمام عيونك
بكل هدوء الدنيا
أغفو وأنام
و.

 

القراءة 
*******

دائما شاعرنا يصارع وحشه الخرافي وحيدا مجردا من كل الأسلحة ( وحش الفراق و الغربة الذي تمخض – داخل الشاعر – بسبب موت والده الشيء الذي اثر فيه كثيرا و كأنه لم يستصغ الامر و يرفضه ) كل هذه المعاناة تجعل الشاعر يتخبط داخل نفسه ليواجه صراعات عنيفة ترهقه و تعذبه ، صراعات يحولها بطريقته الى ابداع و يختزلها بجمالية خاصة من تجربته مع المعاناة و الآلم الذي لا يفارقه .
فهو في بحث دائم عن نفسه و عن ذاته هذه الديمومة المستمرة مقترنة بعذاب الفراق و الفراغ الهائل و الشاسع الذي تركه الأب . ( مُذ رحلت ) فمنذ رحل الأب و الابن تائه لا يعرف ماذا يفعل و لا ما يجب عليه ليحد من الآلم و العذاب بل لا يعرف نفسه اصبح تائها عن ذاته باحثا عنها لا يعرف للحياة طريق و كأنه و ان كان موجودا بيننا الا انه يعيش بعالم اخر لا علاقة له بعالمنا او بزمن اخر و مكان اخر و كأنه يبحث داخله عن أيام خلت محاولا استرجاع ما مضى و ما فات باحثا عن والده المتوفي سائلا عنه . فهو لم يعد معنا بل رحل مع والده و لم يعد موجودا بيننا فهو و والده واحد لا ينقسمان و لا يفترقان ( و انا يا انت ) لهذا لم يعد حتى باستطاعته الكتابة فهو دائم البحث عن نفسه عن حروفه عن سطر … عن بداية الصفحة او عن ذيلها و هكذا الحياة بداية صفحة و نهاية اخرى ، بحث يجعله يفهم مغزى الفراق و العلة او السببية من وجود الموت لكنه يتجاهل كل ذلك داخل نفسه .
فهو يحس انه بلا حول و لا قوة دون والده فهو سنده ( صرت كغصن عراه الريح ) فظهره تعرى للمحن و المصائب و مصيبته في ابيه كانت جللا و خطبا كبيرا و قاهرا لدرجة انه أصبح يتمنى الموت فبه يمكنه ان يلتقي بوالده و يتوسد صدره من جديد .. يغفو و ينام .
عودتنا دائما على جمالية الحرف و حسن الصياغة و تدبر الكلمة كل هذا لمعرفة المغزى ، جميل ما سطرت اخي محمد صوالحة و رائع ما كتبت لكننا نتمنى ان تكتب بالمرة القادمة بريشة الحياة الساحرة و تبتعد عن مداد الموت القاتم .
ربما هذا ما فهمناه من كتابة هذا النص لأن كتابته جاءت بعد وفاة والدكم رحمه الله و يبقى للشاعر رأي آخر خاص به لأنه وحده يعلم ظروف النص

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!