لايفل الشعر الا الشعر. بقلم. عبدالكريم معاش

لصحيفة آفاق حرة

 

 

لايفل الشعر الا الشعر

بقلم الشاعر. عبدالكريم معاش.  المغرب

ولا يغني الابداع الا التخاصب الخلاق كي تزدهي شجرة انسابه بثمار ناضجة ، غدقة وحلوة
بهذا ادخل رحاب ملكوت الشاعرة العربية ابتسام الصمادي كواحدة من اقانيم الشعر العربي المعاصر وإحدى ايقوناته الكبرى ان لمأقل العالمية اللواتي مهرن قداس القصيدة العربية بصلوات وآيات بينات من بوح الروح والوجدان الخصيب بما حفل به شعرها منمستحدث السبك والفتل المكين لنسيج القصيدة ، وابتداع صور شعرية ما طرقت من قبل ، مع استحداث مدرسة شعرية خاصة تزخربخصوصيات تصل أعلى مستويات الفن الشعري العالي الذرى حققت بالفعل طفرة نوعية وتواجدا اصيلا في ديوان شعر العرب.

المناهل والبدايات

او ماالذي يجعل الإنسان مبدعا؟
درجت ابتسام الصمادي منذ يفاعتها على النهل من معين الشعر العربي بمختلف مدارسه واغراضه الى ان وصلت طبقة كبارالشعراء المعاصرين على صعيد الرؤية والموقف والتقنية.
بداية في هذا المنحى…هي مالكة جيدة لزمام التطريس المطرز لفضاء القصيدة…اذ بعد البياض تغدو الورقة سجادا فارسيامتناسق اللون والبعد والدلالة الجمالية. وبمنتهى الكرم والسخاء تنثال افانين قولها مستحضرة مالا يخطر على قلب بشر وما لاينتظر من مدهش الصوغ الشعري من حيث توظيف اللغة الشعرية بمفرداتها السامية المقطوفة من بستان اللغة العربية الباذخ الثربمسكوكاته الفذة على مستوى تشكيل الفضاء الشعري سواء في القصيدة العمودية او التفعيلية او النثرية؛ سيان، فهيولى الشعرالخالصة ومادة العمل تمتح اصلابها وجذورها من ذات عاشقة للجمال والابهار..وتتوزع على حنايا القول الشعري في عملية انزياحيةتروم إسدال خمار الفتنة الغامضة على وجه القصيدة بعيدا عن تقريرية نزار قباني او خطابية ومباشرة سليمان العيسى او فدوىطوقان
لكي تتبدى كمفارقة جمالية على صعيد الأسلوب والرؤية معا في اندغام متواز يتغيا اولا واخيرا ماهية التفرد
تاملوا قولها المبين:
بل أخرجت لتلمنا الرحم
الذي قد ضمنا ليصير بيتاً من حنين
او
وهناك من أعلى صنوبرة شمال الروح
حتى اللون في أدنى جنوب الورد
انه الانبثاق المعجب المبهر لمولد الفن الذي يؤصل الابداع الشعري متوسلا بذكاء أسلحة المجاز من ترميز وكناية وتشبيه واستعارة فياندفاع متراص يؤثت سرادق القصيدة فتاتي في ختم المطاف فخمة، أنيقة ومتموقفة.
فحيال مملكة الحب بغزله واضطرام لواعجه هاهي تنضدد عقدا فريدا من لاءلىء وذر منثور تلتمع في ومضاته المتقافزة اجمل لمعاتالسحر والبيان ، تاملوا معي قولها..انه يذكر برقة اهل الأندلس في موشحاتهم العذبة.
بحثتٌ في زهر الليمون والزيزفون عبثا
فدلني عليك الياسمين
اية لوحة جميلة هاته التي تنم عن روح شاعرة تسمق في علياء الجمال الفاتك بمخلب خيال يتندى دما من عطر فواح!!
او قولها الجميل:
وضعتك في جيب ذاكرتي
وعشت
وحيال الشعر السياسي ذو المنحى العروبي القومي عندما تسيج شعرها بحس سياسي تتضافر في طياته شتى أحاسيس نبذالطغيان والظلم الذي ترسف في اغلاله سوريا العظيمة او العراق او العالم العربي عموما ،وهنا يجب التلميح الى ان ما يصنعالشعر العظيم هي التجربة العظيمة في الحياة وتقلبات صروفها وانعكاساتها عل الذات وبالتالي عل الوعي والموقف.
فالشاعرة ابتسام الصمادي نسجت اسطورتها من خلال احتكامها الى منطق الولاء للوطن وليس لنظام سياسي هجين أرسى قواعدحكم العائلة والانتساب للولاء الشخصي لا الى المؤسسات المنتخبة ديموقراطيا، هكذا هجرت الشاعرة من فردوسها الشامي …منحاستها السادسة ،لأنها رفضت الاحتكام لزبانية النظام الديكتاتوري المحمي من لدن روسيا وايران
فكيف صاغت الشاعرة موقفها السياسي شعريا؟

اولا لا محيص عن ارتياد عوالم الرفض والشجب المغموس في عطر الحنين لشام انهك ياسمينها رصاص الخونة…وشرد شعبها كييبقى رجل واحد على سدة عرش منخور.
هنا يتجلى شعر الموقف المنبني على انتماء صريح بهوية راسخة في الوجدان الجمعي العربي

تعددت الامكنة والثلج واحد
او
انا فيّ أحلام واوجاع وعشقُ
انا يا طبيبُ
ليس تؤلمني ضلوعي
ما خلف أيسرها لتوجعني دمشق
أو
تكفونَ
لا نحتاج عون
تكفونَ لا نرجو السلامة
الذوق في نظري علامةْ
الهمسُ واللمس
الشمُّ والحدس
لا خمسة، لا ستةٌ
فينا حواسٌ سبعةٌ
تُدعى الكرامة
أو
أهلي …كأصفاد المنافي ،
في يدٍ
ضوءُ الكلامِ،
وليلُ مقتلنا، بيد
حيث الشواطىء بدّلت أمواجها
وتناهبتْ أطفالَنا جزراً ومد
بلْ قُلْ بحار الله ، قد صارت لنا
كفناً عريضاً، ضاقَ ،فاتسعَ الزبد
إن كانت الأسماكُ وجبةَ صيدكم
فالطعم لو تدرون من ذاك الجسد

أو
مجروحة في بابلي وحضارتي
من غاربي نسم الهواء عليل
هذا ربيع الله ،قل وربيعنا
ما احتاجنا علوٌ
يهبّ نخيلُ
القصيدة طوع خيالها السارح المندفق ، لا مجال للخطل او الحشو او الاستطرادات المجانية في صلب قولها الشعري….انها تقطرنسغ شعرها كما تقطر الدمشقية الحرة زهر البرتقال في قوارير الفضة…ويلمع قريضها كما يلمع الكريستال الإيطالي على مرمريوناني عتيق .
هكذا هي
لقد راهنت منذ البدء على الجمال كماهية خالصة فجاءت قصيدتها كزمردة عباسية في عقد باريسي.

و ختاما:
لزاما علي ان اطرح سؤالا مركزيا:
ماذا أضافت ابتسام الصمادي للمتن الشعري العربي المعاصر من خلال دواوينها…ماس لها ..بكامل ياسمينها…حاسةالشام….والشوق شأنك
بعيدا عن فخ التجنيس الأكاديمي المحض، وضروب التصنيف المتسرعة التي تجعل من النتاج الشعري قطعا متناثرة تتغيا إيصالالدلالة والمعنى مفصليا ومجزوءا بينما القصيده هي كتلة واحدة صادرة عن ذات تتحدث عن موضوع بصيغة ما برسالة محددة وفقترتيب ايقاعي متناغم.
شاعرتنا الكبيرة اذن حسب هذا التصور إضافة نوعية لهذا المتن الشعري الألفي أثرت القول الشعري العربي بذائقة جديدة انبنتعلى وعي وتمكن اصيل من ثراثنا الشعري وبلمسة حداثية على صعيد تشكيل القصيدة الشعرية ودمغها بكل فنون المجاز المتنوعمن اجل تبليغ رسالة الفن الخالدة :
الامتاع والمؤانسة
اولا واخيرا

عبد الكريم معاش
كاتب وشاعر مغرب
البيضاء في ٢٣ مارس ٢٠٢٢م

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!