ميزان النقد الأدبي / بقلم :السعيد عبد العاطي مبارك الفايد (مصر)

” قال قائل لخلف: إذا سمعتُ أنا بالشعر واستحسنتُه فلا أبالي ما قلته أنت فيه وأصحابك. قال له: إذا أخذتَ أنت درهمًا فاستحسنته فقال لك الصَّرَّاف: إنه رديء هل ينفعُك استحسانك له؟! ” ٠
٠٠٠٠٠
باديء ذي بدء الكلام عن جمال لغتنا العربية لغة الضاد اللغة الشاعرة لغة ، تلك لغة العرب التي شرفها الله عز وجل أن نزل القرآن الكريم بلسانها العربي المبين ٠٠
و قبل نزول هذا الكتاب ظل الشعر الجاهلي يحفظها و يرويها العرب الأقحاح في نتاجهم من كلام جيد شعرا و نثرا وقصصا ٠٠
و من ثم كثر الرواة و ضمت كتب التراث كل هذا الزخم في المكتبة العربية ٠٠
و كان لزاما لهذه اللغة من قواعد و ضوابط تحكمها و تنظم أصولها ضبط حروفها و أصواتها و أبنيتها و بيان بلاغتها نطقا و كتابة ٠٠
فتجلت علوم العربية و ظهر النحو العربي و الصرف كما ظهرت كتب اللغة لحفظ لسانها و تبع ذلك النقد الأدبي للوقوف على جمال النصوص و الحكم على الجيد منها و الرديء في موازنة لها مقاييس و معايير ثابتة من البيئة بعيدا عن التقعر و التعقيد و الغموض و البعد عن المغالاة و الإغراق في الرمزية و الأسطورة و المصطلحات الوافدة الدخيلة هكذا ٠٠
و من ثم نتأمل هنا عزيزي القاريء الكريم مراحل النقد في كلمات موجزة ٠٠
*فالنقد الأدبي:
————-
هو الحكم على العمل الأدبي بأنواعه و ألوانه و مذاهبه ومدارسه سواء كان شعرا أم نثرا قصة رواية مسرحية مقالة خطابة ٠٠٠ الخ
لمعرفة محاسنه ومهاجنه من خلال مقاييس ومعايير تحكمه و تنظمه داخل سياقه لمعرفة جماليات النص و نقاط استحسانه ٠٠
و في الجانب الآخر توضيح الخلل الذي جعله بل منعه من الارتقاء و الجودة ٠٠
= و على أية حال لابد للناقد أن يكون على خبرة و دراية واعية لعلوم اللغة العربية ٠٠
= و أن يتقن الغرض الأدبي – شعر قصة رواية مسرحية مقال سرد – المكتوب من نتاج الكاتب و المبدع لهذا اللون شعرا و نثرا ٠
أن يلتزم الحياد و الموضوعية و المنهجية في الحكم و التقيم لهذا العمل الفني الأدبي ٠٠
= عدم الإغراق في المصطلحات و النظريات الأجنبية و تقيد النص بها في مقارنة كل فقرة ٠
= أن يكون ملما ً بالساحة الأدبية و يقبل كل ما هو مطروح و يحترم خصوصيات كاتبه متمشيا مع الطرح القديم و الحديث و لا يغفل الحداثة و التطوير فكل قديم كان جديدا ٠٠
و يعيش بين الأصالة و الموروث و الحداثة و المعاصرة ٠
و عدم التعصب لاتجاه معين و أن يتقبل تجربة صاحبه مع دراسة وتحليل المنتج داخل البيئة و المناسبة و عناصر المقومات الفنية التي يطرزها الكاتب لفظا و معنى ٠٠
= و أن يتدرج في الفهم و الإدراك و التذوق مع الفكرة و الوجدان و الحدث و يجعل الأدب للفن و المجتمع سواء ٠٠
فوظيفة الأدب رسالة شاملة للتغيير نحو الإصلاح و الجمال و القيم المفقودة داخل الصراعات في الآونة الأخيرة ٠
فالوزن مهم لكل شيء وقيمة كي يحدد معالمه وقيمته ٠٠
فالله عز وجل يضع الموازين بالقسط حيث العدل في توضيح الحسنات و السيئات و الوزن يحدد المعالم و بهذا يأتي النقد ليزن الإنتاج الأدبي واقعا ملموسا ٠٠
و لذا يجب على الناقد ان يتجرد من الأهواء و الخصومة و التعصب حتى يصبح قاضيا على العمل الأدبي في إنصاف مبيننا الحسن منه و معالجا السلبي في رؤية كاشفة لها دلالات من وراء هذا القصد الذي يميز الطيب من الخبيث ٠
و برز رواة للشعر و نقده قديما و حديثا قبل البعثة و عصر الرسالة و في ظل الدولة الأموية و العباسية حتى عصر الدولة و أخيراً العصر الحديث ٠٠
و كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ينقد الشعر و يتذوقه و يستشهد به و لا يقوله لحكمة من أجل استقبال الوحي السماوي ٠
و الخلفاء الراشدون ايضا بل يكتبوه ٠٠
فكان من الرواة و النقاد خلف الأحمر و ابن سلام الجمحي و ابن قتيبة و الآمدي و ابن قدامة و أبو عمرو بن العلاء والأصمعي و الجاحظ ويونس بن حبيب .
٠٠
و كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحن الخنساء و لبيد كما صلح بعض الكلمات لكعب بن زهير ٠٠
و كان عمر بن الخطاب ينقد الشعر و يقول عن شاعر إنه لا يعاظل في الكلاميين و لا يقول الفحش ٠٠
و ظهر في نقد الأدب المعاصر كثيرون منهم دكتور محمد مندور و أنور المعداوي و طه حسين و العقاد و هيكل و المازني و الرافعي و شوقي ضيف و إحسان عباس و عبد القادر القط و علي شلش و مصطفى الشكعة و هلال غنيمي وطه وادي و عز الدين إسماعيل ٠٠٠
و تظل عملية الإبداع الأدبي في تناغم بين المتفنن و المتلقي و الناقد في دائرة واحدة تأثير و تأثر في حسن العلاقة القائمة بين جميع الأطراف ٠
و لا سيما بعد الطفرة و النهضة الأدبية و الازدهار و تطور الاتجاهات الفنية نتيجة لمعدل الثقافة ٠٠
على سجية النقد و المناقشة حتى المعارضة كل هذا ينم عن محاولة صادقة للتصويب و البناء في تناسق و تكامل و مشاركة مبذولة من الجميع لتلك الجهود بعيدا عن مجال المجادلة السفسطة ٠
فالشاعر و القاص و الأديب لهم دور هادف بجانب الموهبة لإتقان هذه الفنون الجميلة ٠٠
و تتجلى حكمة الأدب في طرقه ووسائله و عناصره في التعبير بين زاوية الإلهام و اللغة ٠
و إضافة العلوم البلاغية ، فاللغة وسيلة رمزية بها يتحقق الاتصال لتكتمل المهمة ٠
و مهمة الأدب نقل تجارب الحياة المادية و الروحية معا ٠
و على الناقد معرفة الدوافع النفسية عند التحليل و التقارب بين الفكرة و الأدوات المساعدة في إخراج هذا العمل في حالته الجيدة مع رقيه في توجيه مقبول ٠٠
فالأدب غذاء للروح و النقد مرايا لجوهره يعالج قضايا الإنسان في رسالة سامية دائما ٠

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!