التضخيم في ترامب شرف لـالمحظورة لا تستحقه/ بقلم الشاعرة  فابيولا  بدوي

دون بقية بلدان العالم يحتفي إعلامنا وبرلمانيون آمين آمين بدونالد ترامب‏,‏ وكأن مخلص البشرية قد تمكن من البيت الأبيض‏.‏ نحن فقط نري في ترامب ما لا يراه العالم‏,‏ فبينما يصمت الجميع نبعثر عباراته ونستشهد بها مكررين‏(‏ رئيس أكبر دولة في العالم قال هذا‏)‏ ألم يكن جورج بوش الأب والابن وباراك أوباما وغيرهم رؤساء لنفس هذه الدولة الكبيرة‏,‏ وكنا نتفنن في انتقاء كل ما هو ساخر أو جارح لتوجيهه إليهم؟

هكذا فجأة تنبهنا إلي أن أمريكا أكبر وأهم وأعظم دولة وما يقوله رئيسها هو شهادة حق لا ينبغي مناقشتها بل الاسترشاد بنورها.
ما هذا النفاق والرغبة المستميتة في دفن الرءوس في الرمال؟ هل لأن علاقة طيبة تربط الرئيسين المصري والأمريكي؟ لو كان هذا هو السبب فعلي إعلامنا تنظيم دورات تدريبية تثقيفية مهنية للعاملين به. فالعلاقة بين رؤساء الدول لها معايير وأسباب ورؤي مختلفة وشديدة الخصوصية في ملامحها, فهي علاقة مصالح لا أكثر ولا أقل, ولم تكن يوما علاقة انبهار أو رضاء عن السياسات الكاملة خصوصا فيما يخص الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن الاعلام وما يبثه علي البسطاء ويحرق به دماء المثقفين الذين يملكون أقل قسط من المعرفة, عليه دور مختلف تماما, أبسطه عدم التلاعب بأذهان العامة والكذب عليهم. ثم ما هذا العبث الذي يجعلنا نتجاهل ما يحدث تجاه المكسيك وتشديد إجراءات الدخول للبلاد والمهاجرين والدعم غير المشروط لنيتانياهو والمستوطنات وانتهاك معاهدة التجارة الحرة والبيئة والانتصار لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومحاولات التدخل في دول أوروبا الكبري لدعم اليمين المتطرف, كل هذا وغيره نتغاضي عنه بمنتهي السهولة لمجرد أن إدارة ترامب ستمرر مشروع قرار لإدراج الاخوان كجماعة إرهابية. ما هذه الجماعة التي تستحق أن نتجاهل كل هذا من أجلها, هي لم تعد شيئا يذكر من الأساس, أين هذا التنظيم الدولي الذي كنا نتحدث عنه, نحن اليوم أمام شبح لكيان كان موجودا في يوم من الأيام ثم نال ما يستحقه. لماذا نعطي الجماعة المحظورة لدينا أكبر بكثير من حجمها؟ وفي كل الحالات نحن أمام مشروع قرار لا أكثر ولا أقل, لا نعرف كيف سيمر وما هي المعوقات التي ستواجهه, لكننا نأمل أن يمر حتي يضع كل من يتأمل في عودة المحظورة أحلامه في قدرها المناسب لها. ولكن كل هذا لا يعني أن نتفاخر بشخصية وآراء وشعبوية وفردية ترامب.
رئيس الدولة قادر علي إحداث توازنات في علاقة مصر ببقية بلدان العالم, أما أن ينجرف البعض( إعلاميون وبرلمانيون وبعض رؤساء الأحزاب ومن يعتبرون أنفسهم سياسيين) خلف هذا متصورين أنهم عن طريق التهليل يسجلون نقاطا لصالحهم فهم كالعادة يسبحون ضد التيار, ناهيك عن أن غالبيتهم لا يجيد السباحة من الأساس.
من خلال نفس الأساليب قد تفننا بالإساءة إلي العديد من القرارات التي لا يعرف خباياها سوي من يصدرها ولا نتقي الله ولا نتعلم, ألا يفكر أحد منا ما هو موقفنا من دول الخليج التي يصر ترامب علي تجاهلها أو التعامل معها بخشونة؟ هل نعي كيف ينظر لنا الاتحاد الأوروبي وهو علي مسافة شديدة الحساسية من ساكن البيت الأبيض الجديد, بينما نحن نستميت في تضخيمه؟ أيضا هل خصومة ترامب مع الإخوان فقط أم مع كافة الكيانات المتطرفة باسم الإسلام, ومن ثم ماذا سيكون موقفه من محاولات سيطرة السلفيين علي عقولنا ومقدراتنا, هل نتصور أن علاقتنا به سوف تجعلنا فوق العالم, لو كانت هذه نظرتنا فنحن في منتهي السذاجة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!