الشحن الطائفي … الروافض والنواصب من جديد! !! بقلم / عبد الرحمن خالد الطورة

 

هذا موضوع شائك لم أكن أرغب الخوض فيه لان النقاش العلمي والموضوعي في مثل هكذا مواضيع غالبا لايؤدي الى النتيجة الايجابية المرجوة مهما كانت حجج المتحاورين قوية ومنطقية بسبب التعصب والنزعة الدوجماتية ( الوثوقية المطلقة dogmatism ) خصوصا اذا ما كان في ميدان العقائد دينية أكانت ام أيديولوجية . فلكل موضوع أو مجال منهجه الخاص الذي يتبعه الباحث في الوصول الى اليقين . فالمجال العقدي يقوم على الايمان والتسليم بكل ما جاء في تعاليم الدين ومن ثم ينسحب هذا الايمان على المذهب أو الطائفة التي ينتمي اليها الباحث لانه ورث عقيدته وطائفته ومذهبه عن والديه وأسرته من خلال التربية وعملية التنشئة والتطبيع الاجتماعي ، ثم بعد ذلك ونتيجة للتعليم المتخصص في هذا المجال ونتيجة الاطلاع على الاديان والعقائد الاخرى والحوارات مع المخالفين يحاول عقلنة ايمانه بالبحث عن أية فكرة أو قول أو رأي يدعم قناعاته موظفا في هذا المجال نتائج العلوم الطبيعية على وجه الخصوص ومثال ذلك المرحوم الدكتور مصطفى محمود سواء في مؤلفاته العديدة او في البرنامج التلفزيوني الذي كان يقدمه بعنوان العلم والايمان وزغلول النجار في مؤلفاته ومحاضراته ولقاءآته على المحطات الفضائية ، بينما لاتوجد في مجالات العلوم الطبيعية والاجتماعية أية محظورات تمنع من الشك المنهجي والبحث العلمي القائم على الملاحظة والتجربة والتحقق من النتائج .
وما دمنا كما يقول الله تعالى في محكم التنزيل (انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون ) فلا فضل اذن لأي منا في اختيار معتقده . ألا نردد كثيرا أقوالا دون أن نفكر في معانيها مثل قولنا دائما (الحمد لله الذي جعلنا مسلمين ؟ ) ألا يعني هذا أننا كمسلمين لا فضل لنا في اختيارالاسلام دينا لنا وانما الفضل فيه لله الذي هدى أجددانا الاوائل الى تغيير عبادة الاوثان والاصنام وتحولهم الى الاسلام ومن ثم ولدنا في هذه الأسر المسلمة فاعتنقنا ما هي عليه لان المولود كما يقول الرسول(ص) يولد على الفطرة وانما أبواه يهودانه أوينصرانه أو يمجسانه ؟ فلو عملنا مثلا خريطة وراثيه لكل من شيخ الازهر الحالي الدكتور أحمد الطيب على سبيل المثال لا الحصر لوجدنا أن من الممكن أن تكون أصوله قبطية وقد يلتقي مع البابا تواضروص بابا الآقباط في نفس الجدود ولكن بعضهم بقي على قبطيته ومن نسلهم البابا الحالي والقسم الآخر اعتنق الاسلام بعد الفتح ومن نسلهم شيخ الازهر الحالي وغيره، ولذلك فأن اكبر شخصية مسيحية مصرية كالبابا تواضروس لو ولد في اسرة مصرية مسلمة في هذا العصر لكان من المحتمل ان يكون اسمه أحمدا بدلا من تواضروس وشيخ الازهر الحالي لو ولد في اسرة مصرية قبطية بقيت على مسيحيتها منذ الفتح وحتى الآن لكان من الممكن أن يكون اسمه تواضروس بدلا من أحمد. وهل هذا أمرغريب افلم يكن الصحابة الاوائل رضوان الله عليهم كفارا وعبدة أوثان وبعضهم وأد ابنته وبعد الاسلام أصبح .بعضهم خلفاء وقادة وعلماء وفقهاء مازلنا حتى الآن نتمثل خطاهم ونحاول السير على نهجهم ؟! ولماذا نذهب بعيدا فالمثال الحسي الملوس امامنا هنا في الآردن متمثلا بعشائر الغساسنة في الكرك ومأدبا فمنهم من بقي على مسيحيته كعشيرة العزيزات التي وقفت مع المسلمين في معركة مؤتة ضد أبناء دينهم الرومان منحازين الى قوميتهم وعروبتهم في حين أسلم الجزء الاخر ومن نسلهم حاليا عشائر الضموروالكركي والعضايلة والسحيمات.
قليلون هم الذين اختاروا عقائدهم بعد اطلاع واسع على العقائد الاخرى وقارن بينها ثم بعد ذلك اختار العقيدة التي يرى انها الاقرب الى العقل والمنطق ومثال ذلك المفكر الفرنسي روجيه جارودي الذي كان مسيحيا ثم ترك المسيحية لينظم الى الحزب الشيوعي الفرنسي ثم يتسلم رئاسته لفترة من الزمن لكنه نتيجة لاطلاعه على الاسلام ومقارنته بالعقائد الاخرى السماوية منها والوضعية اختارالاسلام تاركا كل معتقداته السابقه عن قناعة وايمان لكنه ايمان امؤسس على البحث واعمال العقل .
هذه المقدمة الطويلة نوعا ما أردت ان امهد من خلالها للحديث عن ظاهرة مؤسفة بل محزنة نلمحها هذه الايام بين المسلمين تتمثل في ظواهر الشحن الطائفي والتكفير للمخالفين وتآجيج العداوات محيين من جديد مصطلحات الروافض والنواصب وصراعات علي ومعاوية ويزيد والحسين رضي الله عنه وما ازهقت فيها من ارواح عشرات الالوف من المسلمين البسطاء ، ارواح ازهقت في صراعات ظاهرها ديني وباطنها سياسي ، استخدم الدين فيها للأسف ووظف لاغراض سياسية دنيوية بحتة .
لقد عانت أوروبا في القرون الماضية حروبا دينية طاحنة استمرت لعشرات السنين ذهب ضحيتها مئات الالاف ان لم تكن الملايين لكنها بعد تلك الحروب التي أكلت الاخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل استطاعت دولها وشعوبها أن تعض على جراحاتها وان تحاول نسيان أحقادها وأدركت أن مصالحها تكمن في التعاون بدل الحروب وفي احترام الاختلاف والتعددية الدينية والمذهبية والسياسية فكونت اتحادا اقتصاديا وبرلمانا مشتركا وعملة مشتركة انعكست آثارها الايجابية الملموسة اليوم على حياة مواطنيها بمن فيهم ملايين المسلمين المقيمين بينهم والفارين من أوطانهم نتيجة الفقر والاستبداد والقهر حيث وجدوا الملاذات الآمنة هناك رغم أنها دول كافرة يدعو عليها شيوخنا في كل صلاة بان يشتت الله شملهم ويدمر حضارتهم ويجعلهم وأموالهم ونسائهم غنيمة للمسلمين !!
لقد أدى ومازال يؤدي زج الدين في الخلافات السياسية الى مآس كثيرة ولعل أصدق مثال على ذلك ما يجري في سوريا اليوم منذ اكثر من ست سنوات حيث الدمار والخراب والتهجير والتدمير الذي اعاد سوريا الى العصور الحجرية تحت شعارات الثورة على النظام النصيري ،ثورة وان كانت أهدافها مشروعة لكن وسائلها مدمرة . لقد أصبحت سوريا ساحة للاعبين كثر من روس وايرانيين وامريكان وصهاينة واتراك وعرب واجهزة مخابرات عالمية عديدة تقف وراء معظم التنظيمات المسلحة بما فيها للاسف التنظيمات الاسلامية التي بينها من الخلافات ماهو اشد من الخلافات مع العدو

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!