القرار لمشكلة. بقلم .د. سلطان الخضور

لصحيفة آفاق حرة

 

أنت من يقرر طالما أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل , هناك حاجة لإتخاذ قرار, وطالما أن هناك قرار, هناك دراسة وتحليل وإعمال للفكر والمنطقق, وطالما أن هناك دراسة وإعمال للفكر, هناك حلول ,وطالما أن هناك حلول, إذن هناك خطأ وصواب. لكن حتى لا نقع تحت رحمة الإحتمالات, علينا التفكير مليا قبل أن نقرر, فعملية إتخاذ القرار وخاصة فيما يتعلق بمشاكل قد تشكل منعطفات رئيسة في حياتنا, علينا أن نتعرف على بعض الخطوات المهمة التي يجب اتباعها ,للوصول الى نتائج إن لم تكن صائبة فستكون أقرب إلى الصواب, فمثلا قرار ترك الدراسة في الجامعة من قبل طالب فقير, لا يمكن أن يكون سهلًا, لكنه يمثل الحل الأمثل لهذا الطالب إذا كانت هناك حاجة ماسة, ليدخل هذا الطالب سوق العمل, ليوفر متطلبات الدراسة لأخوته الأصغر منه سنًا, وتوفير بعض المال للإنفاق على اسرته, لكن هذا الحل قد لا يكون الحل الأمثل عند طالب آخر يعيش ظروفا مشابهة, لكن توفرت له سبل أخرى للحصول على التمويل والإنفاق من أحد الأقارب أو أحد المحسنين أو أي من الوسائل المتاحة. فالحاجة الى المال هنا ,تمثل المشكلة التي تحتاج الى حل , ولحل هذه المشكلة يجب دراستها بشكل جيد للوقوف على أمور محدده وأهمها الوقوف على حجمها ,ومدى الحاجة الى الحل من حيث السرعة , بكلمات أخرى قد لا تكون المشكلة بنفس القدر من حيث الحجم ومدى الألحاح للوصول الى الحل عند كلا الطالبين, وهذه النقطة تمثل الخطوة الأولى لوضع الحل واتخاذ القرار وهي دراسة المشكلة دراسة مستفيضة بتحديد المشكلة. بعد تحديد المشكلة , لا بد من تحليلها ومعرفة الاسباب الموجبة لها والنتائج المترتبة على وجودها, وهي في المثال السابق الحاجة الى المال بسبب الفقر وعدم وجود معيل, وقد تكون النتيجة أو الآثار اللجوء لوسائل غير مشروعة لتوفير المال مثلا. بعد ذلك لا بد من البحث عن الحل, والحل لا يمكن أن يكون يتيما, أو وحيد والديه, وهذه تسمى بدائل, أي أنني بحثت عن أكثر من حل وقمت بدراسة الحلول المتاحة”البدائل” بشكل موضوعي. والمهم في هذه المرحلة ,عاملان: التأني والمشورة, قبل لأنتقال للخطوة اللاحقة وهي أختيار البديل الملائم والأكثر نجاعة, وهنا يجب الأخذ بالحل الأقل كلفة والأقل خسارة, والأكثر قدرة على محو ‘آثار المشكلة من جميع النواحي .والتأني لا يعني الصبر على المشكلة لتتفاقم وتتراكم آثارها, بل التفكير مليًا بعيدًا عن العواطف واتباع الاسلوب العلمي في حل المشاكل والمشورة أيضا وإن كانت واجبة, لا تعني بأي حال من الأحوال أن أترك الآخرين يفكرون عني, أو يتخذون القرار بدلا مني, فأنا صاحب المشكلة وأنا الأكثر معرفة بالمعطيات وأنا الأكثر معرفة للحلول الملائمة لظروفي. بعد ذلك أصل الى مرحلة الحسم والجزم, وهي مرحلة اتخاذ القرار أي مرحلة وضع المؤشر على البديل الملائم, وهنا قبل أن أقرر يجب ان أتأكد من أمرين: ألأول يتمثل بمدى قناعتي بأن هذا هو أفضل الحلول, والثاني يجب أن يكون لدي القدرة الكافية للدفاع عن قراري, وأتحمل المسؤولية ولا أكون مهزوزًا, حتى لا أندم مع مرور الوقت , وأذا توصلت إلى هذه القناعات,يجب أن أنفذ ما قررت. وليس اتخاذ القرار وتنفيذه هو حل سحري يقود بالضرورة الى الحل الأمثل, إذ يجب أن أقوم بين فترة وأخرى بعملية تقييم للحل الذي اخترت وقياس مدى نجاعتة ومدى تحقيقه للهدف, والا علي التراجع عند الشعور بأن قراري قد خلف آثارًا سلبية, ما يعني أن خللا كان قد حصل في واحدة من المراحل التي تم فيها اتخاذ القرار. ولتجنب الخلل, وخاصة في القرارات المفصلية الكبيرة, علي أن أختار الوقت المناسب للتفكير في المشكلة والحلول, إذ أن العصبية والتوتر والقلق والخوف والتسرع تقود إلى أتخاذ قرارات أنفعالية أشبه ما تكون بردود الفعل المبنية على العواطف لا على العقل, أضف الى ذلك أن القرار يجب أن يكون منسجمًا مع مجموعة القيم والعادات والتقاليد المجتمعية, والا أصبحت هذه وتلك من العوائق التي تقف دون تنفيذ القرار.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!