تطوير مناهج الإشراف التربوي/ بقلم د. معاذ السقا. السودان

لصحيفة آفاق حرة:

_______________

 

كتب – د. معاذ السقا:

تطوير وتغيير الأساليب الإشرافية التقليدية في ضوء المفاهيم الحديثة للإشراف
تفرض طبيعة المرحلة الحالية والمستقبلية وما تشهده من تغير سريع، أن يستجب الإشراف التربوي للتحديات ويواكبها بتطوير أساليبه وطرقه وأدواته في ظل الاتجاهات العالمية المعاصرة بأساليب تطويرية تتمحور حول ما يلائم متطلبات التطوير من أدوار منتظرة منه، ويتمثل أبرزها فيما يلي:

تهيئة الميدان التربوي للإيمان بحتمية التغيير الإيجابي كقاعدة للتطوير، والاستجابة الفاعلة المتفاعلة معه.
تغيير الاتجاهات السلبية لدى بعض القيادات التربوية والمعلمين والطلاب نحو التغيير في العمل التربوي والتعليمي.
تهيئة المتعلم والمعلم لمواجهة تحديات العصر وفق منظومة قيمية أخلاقية متكاملة.
مواكبة التطور المتسارع في مجال تقنية المعلومات والاتصالات وتوظيفها بفعالية.
بناء استراتيجيات متكاملة لإدارة المعرفة والمساهمة في تطوير مجتمع المعلومات.
بناء القدرات الفردية والمؤسسية؛ للتكيف مع المتغيرات المتسارعة والإسهام في إحداثها.
تطوير بيئات التعلم وتحسين مخرجاتها النوعية.
وقد حاولت العديد من البلدان حول العالم إعادة هيكلة خدمات الإشراف التربوي في مدارسهم لتعزيز جودة التعليم. وهذه الرغبة في إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية يستثيرها عدم فعالية أساليب الإشراف التربوي القائمة بالمدارس. وفي الواقع فقدرة المدارس على تحقيق المزيد من الاستقلالية بشكل فعال سيعتمد إلى حد كبير على دعم الخدمات التي يمكن الاعتماد عليها، فالإشراف ربما يكون أساسياً وضرورياً لتوجيههم إلى اتخاذ القرار، ولترشيد استخدامهم للموارد. فالاستخدام الحكيم للموارد هو المبدأ الأساسي الذي يعزز الجودة في التعليم. بينما هذه الهيكلة للمؤسسات التعليمية قد تلاقت مع نجاحات متعددة، يتيح لنا تحليلها العام اكتساب نظرة متعمقة إلى ما يمكننا تحقيقه في سياق محدد.

ولكي يتم تحسين مخرجات تعليم التلاميذ يجب على المعلمين تحسين ممارساتهم التعليمية. بتحسين قدراتهم التي تمكنهم من التأمل في ممارساتهم الشخصية ومستواهم المعرفي، وبذل الجهد في سبيل الوصول إلى كفاءة متميزة .

وتشير العديد من الدراسات إلى بروز اتجاهات عالمية معاصرة في الإشراف التربوي من شأنها تطوير أساليب الإشراف التربوي، وتفعيل الممارسات الإشرافية لدى المشرفين التربويين، ومن هذه الاتجاهات الحديثة: الإشراف العيادي، والإشراف التطويري، والإشراف التفريدي (المتنوع)، والإشراف بالأهداف، والإشراف عن بعد، والإشراف الإلكتروني، والإشراف التأملي، والإشراف باستخدام أسلوب النظم، والإشراف بالكفايات الوظيفية… وهي تمثل اتجاهات حديثة تسعى إلى تلبية احتياجات البيئة التعليمية، وتوفير أساليب مناسبة لكل معلم، وتغيير النظرة نحو المشرف التربوي ليكون مطوراً للبيئة التعليمية، ومحققا لجودة العملية التعليمية، ومسهما في حل مشكلاتها، بدلاً من استخدام أساليب تتسم بالصبغة الاستبدادية، وتستهدف التفتيش بالدرجة الأولى وتضعف مكانة وأهمية العملية الإشرافية ودورها المهم في تحقيق جودة العملية التعليمية ككل .
الاشراف التطوري
وضع كارل جليكمان (1981: 8) نموذجاً للإشراف التطوري، ووفقاً لهذا النموذج يجب أن يؤخذ في الاعتبار الفروق الفردية بين المعلمين، أيا كانت الفئة العمرية، إذا ما أريد إحراز تقدم في الإشراف، كما يرى جليكمان أن أساليب الإشراف (المباشر، والإشراف التعاوني، والإشراف غير المباشر)، من أهم الأساليب في الإشراف التطوري، فإذا كان جميع المعلمين متماثلين فمن السهل تحديد الأسلوب الإشرافي الأكثر فعالية.

ويعرف البابطين (2004: 104) الإشراف التطوري بأنه: “اتجاه حديث، يهتم بالفروق الفردية لدى المعلمين، من خلال تقديم خدمات إشرافية متدرجة للمعلم (مباشر، فتشاركي، ثم غير مباشر)، تُهيئ له تطورًا بعيد المدى ؛ ليكون قادرًا على اتخاذ القرارات وحل المشكلات التربوية التي تواجهه في عمله”.

وهذا المدخل ينظر إلى المعلمين كأفراد على مستويات متباينة من النمو المهني والتنمية. وينظر إلى المشرفين على أنهم يوظفون الأنماط القيادية مع مختلف المعلمين بشكل ملائم وطبقاً لمختلف الظروف. وفي هذا الإطار يسعى المشرفون عند تفاعلهم مع المعلمين إلى تعزيز مهارات التفكير التي تساعد في تحليل التعليم داخل الفصول، ويجعل المعلمين أكثر وعياً بكثير من البدائل والخيارات المتعلقة بالتغيير.

الأسس الفكرية للإشراف التطوري:
من الأسس التي يقوم عليها هذا النموذج (حسين وعوض الله: 2006، 71):

يختلف المعلمون في مستوى تفكيرهم التجريدي ومستوى دافعيتهم للعمل بصفة عامة، وذلك لأنهم أصلا يختلفون فيما بينهم من حيث خلفياتهم العملية والشخصية.
هناك اختلاف بين المعلمين بصفة عامة في مستوى قدرتهم العقلية، لذا لابد من استخدام أساليب إشرافية مختلفة من قبل المشرفين التربويين.
السعي الدائم من قبل موجهين لرفع مستوى التفكير والدافعية لدى المعلم من خلال زيادة قدرته على توجيه نفسه توجيها ذاتيا لحل المشكلات والعقبات التي تواجهه في مجال عمله.
الإشراف العيادي:
يعرف كوجان Cogan الإشراف العيادي على النحو التالي: «الأساس المنطقي والممارسة المصممة بهدف تحسين أداء المعلم في الفصل الدراسي. ويستمد بياناته الرئيسية من الأحداث الصفية. ويشكل تحليل هذه البيانات والعلاقة بين المعلم والمشرف أساس البرنامج والإجراءات والاستراتيجيات المصممة لتحسين تعلم الطلاب من خلال تحسين سلوك المدرسين في الصف .

ويركز الإشراف العيادي على النمو المهني للمعلمين من حيث تحسين التدريس في الفصل الدراسي، ويعتمد على المزيد من الإجراءات الموجهة للمعلمين بدلا من الإجراءات البيروقراطية الهرمية للسيطرة من قبل المشرفين. وبالتالي يصبح الإشراف العيادي أقل رسمية وأقل ارتباطا بإنجاز المعلم لبعض المعايير المسبقة أو المعايير الخارجية. فقد أصبح عملية تتضمن أفكار المعلم وأنشطته في سعيه الحثيث لتحقيق أهدافه التعليمية الخاصة في التدريس والمرتكز على التقييم الذاتي وتقييم الأقران، بما في ذلك مدخلات من التلاميذ . ففلسفة الإشراف العيادي لا تقوم على ضبط الجودة لحماية التلاميذ من تدريس غير فعال، فبوصلة الإشراف العيادي تتوجه نحو التطوير المهني للمعلمين والتي تمثل الضمانة لجودة التدريس وجودة التعليم للتلاميذ وغيرهم.

الإشراف التشاركي:
وهو أسلوب يعتمد على مشاركة جميع الأطراف المعنية بعملية الإشراف من معلمين، تلاميذ ومشرفين تربويين في التخطيط والتنفيذ والتقويم وتحقيق الأهداف، ويعد الطالب في الإشراف التشاركي محور العملية الإدارية والتربوية، وهو يقوم على نظرية النظم التي تتألف فيها العملية الإشرافية من عدة نظم جزئية ينبغي أن تكون مفتوحة مع بعضها وهي أنظمة تؤثر وتتأثر ببعضها، وهي تتمشى مع روح الإشراف الحديث الذي يتصف بالتشاركية والعلمية والعمق ويقوم على التواصل المفتوح بين المشرف والمعلم.. ولعل هذا ما يجعل القيادات التربوية مطالبة بتوفير كافة التسهيلات والظروف، التي تُمَكِّن المشرفين التربويين ومديري المدارس والمعلمين من القيام بإعداد بحوث إجرائية تعاونية ؛ من أجل تحسين عملية التعلُّم، وكذلك تأهيلهم بكفايات تربوية وتعليمية تُساعدهم في تلبية حاجاتهم وحل مشاكلهم، وتحسين سلوكهم التنظيمي داخل منظومة الإشراف التربوي .

كما يعتمد على الانفتاح بالبيئة الخارجية والتعاون المستمر بين المشرف والمعلم وقدرة المشرف على التنسيق بين المعلمين ودعم أفكارهم ومراعاة شئونهم، وتوفير الثقة والأمان والتقدير لتقييمهم، ويساعد على بناء شخصية متوازنة للمعلم والمشرف، وتتبين أهمية الإشراف التشاركي في تلبية حاجات المعلمين ومعالجة مشكلاتهم .

فالطلاب المعلمون, والمرشحون للتدريس، وكذلك الأفراد حديثوا العهد بالتعليم أو التدريس؛ هؤلاء ربما يكونون في حاجة ماسة إلى الدعم من زملائهم الأكثر خبرة ودراية. وأولئك الزملاء لديهم مسئولية والتزام أخلاقي ومهني لتقديم مختلف أنواع الدعم المناسب متى طُلب منهم.
الإشراف التشاركي:
وهو أسلوب يعتمد على مشاركة جميع الأطراف المعنية بعملية الإشراف من معلمين، تلاميذ ومشرفين تربويين في التخطيط والتنفيذ والتقويم وتحقيق الأهداف، ويعد الطالب في الإشراف التشاركي محور العملية الإدارية والتربوية، وهو يقوم على نظرية النظم التي تتألف فيها العملية الإشرافية من عدة نظم جزئية ينبغي أن تكون مفتوحة مع بعضها وهي أنظمة تؤثر وتتأثر ببعضها، وهي تتمشى مع روح الإشراف الحديث الذي يتصف بالتشاركية والعلمية والعمق ويقوم على التواصل المفتوح بين المشرف والمعلم.. ولعل هذا ما يجعل القيادات التربوية مطالبة بتوفير كافة التسهيلات والظروف، التي تُمَكِّن المشرفين التربويين ومديري المدارس والمعلمين من القيام بإعداد بحوث إجرائية تعاونية ؛ من أجل تحسين عملية التعلُّم، وكذلك تأهيلهم بكفايات تربوية وتعليمية تُساعدهم في تلبية حاجاتهم وحل مشاكلهم، وتحسين سلوكهم التنظيمي داخل منظومة الإشراف التربوي .

كما يعتمد على الانفتاح بالبيئة الخارجية والتعاون المستمر بين المشرف والمعلم وقدرة المشرف على التنسيق بين المعلمين ودعم أفكارهم ومراعاة شئونهم، وتوفير الثقة والأمان والتقدير لتقييمهم، ويساعد على بناء شخصية متوازنة للمعلم والمشرف، وتتبين أهمية الإشراف التشاركي في تلبية حاجات المعلمين ومعالجة مشكلاتهم .

فالطلاب المعلمون, والمرشحون للتدريس، وكذلك الأفراد حديثوا العهد بالتعليم أو التدريس؛ هؤلاء ربما يكونون في حاجة ماسة إلى الدعم من زملائهم الأكثر خبرة ودراية. وأولئك الزملاء لديهم مسئولية والتزام أخلاقي ومهني لتقديم مختلف أنواع الدعم المناسب متى طُلب منهم.

الإشراف عن بعد
يعرف الإشراف عن بُعد بأنه : “ذلك النوع أو النظام أو الأسلوب الإشرافي الذي يقدم مواد تدريبية وتوجيهية وإرشادية وبيانات و تعاميم إلى المعلم دون إشراف مباشر أو التقاء المعلم و المشرف وجهاً لوجه، وكذلك دون الالتزام بزمان ومكان معين، ويعتبر مكمل للإشراف التربوي التقليدي الحالي ويتم هذا الإشراف تحت إشراف المشرفين وإدارة الإشراف التربوي لإعداد المواد التوجيهية و الأساليب الإشرافية الموجهة بالاعتماد على وسائط تكنولوجية كالحاسب الآلي والإنترنت و الهاتف والفيديو التفاعلي… وغيره، و التي يمكن أن تساعد في الإيصال والاتصال الفعال بين المشرف التربوي والمعلم” .

فالمدارس التي تقدم نظاماً تعليمياً عبر الإنترنت من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر وتطبيقات الإنترنت قد خلقت تحديات للمشرف التعليمي. فالتعليم عن بعد يستخدم البريد الإلكتروني، والراديو، والتليفزيون والفيديو، والكمبيوترات والإنترنت لتقدم لتلاميذها البديل عن التعليم التقليدي داخل جدران المدارس .

ويهدف الإشراف عن بعد إلى: الانتقال من إشراف يفاجئ المعلم بوقت معين ومدة معينة إلى اشراف متصل لا وقت له، حيث يمكن أن يتم في أي وقت وخارج اليوم المدرسي أو داخله. مع إمكانية تحليل المواقف التدريسية عبر الاتصالات المستمرة، من خلال شبكة المعلومات (الإنترنت)، حيث يمكن للمعلم عرض نموذجاً لما قام به، ويرسله إلى المشرف ليحصل على التغذية الراجعة عليه. وكذلك إمكانية إرسال المشكلات أو الصعوبات التي يواجهها كل من المعلمين مع طلابهم أو المناهج أو طرق التدريس وغير ذلك، لتكون محوراً للنقاش مع المشرف التربوي .

الإشراف على المعلم التربوي عبر الإنترنت:
والإنترنت عبارة عن شبكة حاسوبية عملاقة تتكون من شبكات (Net) أصغر، بحيث يمكن لأي شخص متصل بالإنترنت أن يتجول في هذه الشبكة وأن يحصل على جميع المعلومات في هذه الشبكة (إذا سمح له بذلك) وأن يتحدث مع شخص آخر في أي مكان في العالم .

على الرغم من حداثة طرح مصطلح الإشراف التربوي الإلكتروني إلا أنه يعد أحد متطلبات تحقيق مجتمع المعرفة وتحقيق متطلبات التنمية الشاملة المستدامة، فإن تفعيل تقنية المعلومات في العملية الإشرافية قد بات أمرًا ضروريًا لابد من السعي لتحقيقه جنبًا إلى جنب مع أنماط الإشراف المعتادة خاصة أن هذا النوع من الإشراف التربوي يتيح للمشرف إدارة العملية الإشرافية بأكملها بأسلوب رقمي متعدد الوسائط قائم على توظيف برمجيات الحاسب الآلي على شبكة الإنترنت .

إن عملية الانتقال من الإشراف التقليدي إلى الإشراف عبر الإنترنت يتطلب اتخاذ عدد من الخطوات الإجرائية التالية: دراسة الواقع في المدارس، وحصر الأجهزة الحاسوبية المتوفرة والصالحة للعمل، وتهيئة المدارس وإدارات الإشراف، وتطوير البنية الأساسية، وذلك بتزويدها بحواسيب وخطوط إنترنت، وإنشاء قسم خاص بالإشراف عبر الإنترنت في إدارات الإشراف التربوي، وتزويده بأجهزة حاسوب، وعمل التمديدات اللازمة للانترنت، و تزويده بالمختصين، لصيانة الحاسوب وشبكة الإنترنت بصورة دائمة أثناء استخدامه لمنع الصعوبات التي قد يتعرض لها القسم، ويُعرف بفريق الدعم الفني .

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!