وقفة مع نص ( كيف أنسى ) للأديب احمد دحبور / بقلم صباح محمد – سوريا

النص 

كيفَ أنسى ميلاد الشوقِ
على راحتيْ النبضِ؟
و الانتظارُ على حافةِ العصيانِ
يتربصُ لاعدامِ الوقتِ
للقاءِ لا تبرحه الروحُ
يرتشفُ كل قطرةِ من لهفِي
كيفَ أنسى بريقَ شمسِ عينيكِ
حينَ علتْ سماءَ بسمتِي؟
والخطَى في دلال
تتطايرُ نحوك في خِفة الرمشِ
يسابقها سلامِي قبل كلامِي
كعطرِ الخزامى يرشقكِ به نبضِي
مفتاحٌ لصحائفِ قلبكِ
المتمردةِ على توقيتِ الهمسِ
مغتصبة كلام اليوم وامس
حارقة عودا من بخور الصمت
فاح شذاه ثرثرة حب عند الوصلِ.

 

  نبذة  عن   الأديب  أحمد دحبور 
كاتب فلسطيني متزوج من سيدة مغربية جليلة تعمل استاذة للغة الفرنسية وله منها ثلاثة أبناء نشأ وترعرع في رام الله (بالإنجليزيّة: Ramallah) مدينةٌ فلسطينيةّ عريقة تقع في قلب دولة فلسطين التاريخية، وتُعدّ العاصمة الإدارية المُؤقّتة للسُّلطة الفلسطينية، إلى جانب كونها مركز محافظة رام الله والبيرة، ويقع فيها مقرّ المُقاطعة، بالإضافة إلى أغلبيّة وزارات السُّلطة الفلسطينية ومَكاتبها، والمقرّ العام للشرطة والأمن، ومَبنى المجلس التشريعي.[١] في عام 2016م، أظهرت التقديرات أنَّ التعداد السكاني لمحافظة رام الله والبيرة وصل إلى 400 ألف نسمة،[٢] بينما تبلغ مساحة أراضي رام الله 14.706 دونمات.[٣] من أبرز ما تتميّز به مدينة رام الله عن نظيراتها من المدن الفلسطينية هو النشاط الثقافي المستمرّ؛ حيث تُقام على أرض المدينة الكثير من الندوات الثقافية، والمهرجانات، والمعارض، ويرجع ذلك لأسباب عدّة أهمّها: وجود عدد من المؤسّسات الناشطة في المدينة، من أبرزها: وزارة الثقافة وبلديّة رام الله، إلى جانب امتلاك المدينة خلفيّةً ثقافيّةً واجتماعيّةً متنوّعة، ومساحة كبيرة من الحُريّة التي تُساهم في جذبِ الشّخصيات الثقافيّة في العديد من المَجالات.[١] تسمية رام الله يَعود سبب تسمية رام الله بهذا الاسم إلى أصول كنعانيّة؛ حيث تعني كلمة “رام” الأراضي المُرتفعة، وأضاف إليها العرب كلمة “الله” فأصبح اسمها رام الله، وعُرفَت المدينة بهذا الاسم في العَهد الصليبي، أمّا تاريخياً فقد ثَبتَ أنَّ قبيلة عربيّة سكنت في قرية أو غابة حرجيّة في أواخر القرن الـ 16 وأطلقت على هذه القرية اسم رام الله. تضارَبت الروايات التاريخية حول تسمية المدينة، حيث يدّعي البعض أنَّ المدينة ذُكِرَت في التوراة باسم “أرتا يم صوفيم” أو “جلبات إيلوهم” وذلك حسب المُؤرخ يوسيفوش باسم فكولا، لكن هذه الروايات لم تثبُت صحّتها.[٤] جغرافيّة رام الله الموقع تقع مدينة رام الله في وسط السلسلة الجبلية الوسطى لفلسطين ضمن سلسلة جبال القدس، تَحديداً على الخطّ المائي الفاصل بين السهل الساحلي الفلسطيني وغور الأردن، وهي بذلك تتوسّط المنطقتين، وتَرتفع المَدينة عن مستوى سطح البحر بين 830-880 متراً، وتتميّز مدينة رام الله بموقع متُوسِّط في قلب دولة فلسطين؛ .[٥] تتمتّع رام الله بمُناخ البحر الأبيض المتوسط الذي يُوصَف باعتداله وأنَّه مُناخ شبهَ رطب، يعود تاريخ رام الله إلى العصور الوسطى حين أُعطِيَ الاسم لها، لكنّها كانت خربة تقع ضمن أراضي مدينة البيرة، التي كانت تتمتّع بتاريخ عريق وذُكِرَت في العهد الروماني، واستمرّت الحال كما هي عليها أثناء الفتح العربي الإسلامي، إلا أنَّ المدينة بدأت بالنموّ تدريجياً، وأثناء الحملات الصليبية كانت مدينة رام الله مستعمرةً زراعيّةً صغيرة وأطلقَ عليها الصليبيّون اسم Ramalie.[٤] يعود تاريخ تأسيس مدينة رام الله الحديثة حسب الروايات الشعبية إلى عشيرة الحدادين؛ حيث نشب خلاف بين قبائل الكرك، تحديداً بين عميد عشيرة الحدادين الكركية المسيحيّة راشد الحدادين وشيخ قبيلة بني عمر التي كانت تُسيطر على الكرك بسبب رفض العميد تزويج ابنته لابن القبيلة المُسلم، فترك العميد الكرك خِفية ولجأ إلى البيرة بدايةً، ثمَّ اشترى خربة رام الله من أصحابها الغزاونة لِما كانت تحتويه من حطب وأحراش ضروريّة لمهنة الحدادة التي كان يُمارسها، وتعمّرَت القرية بعد ذلك على يد عشيرة الحدادين التي يُنسَب إليها أغلبيّة سكان رام الله وحاليا
ليست عائلة الحدادين هم الأغلبية بل من الخليل والقدس واللد والرملة وقرى رام الله وبعد قدوم السلطة قدم اليها سكان من معظم مدن الضفة بالاضافة للقادة والكوادر الفلسطينية من صفوف الثورة الفلسطينية القادمين من الشتات تونس ولبنان والجزائر واليمن
[٤] خضعت المدينة للحكم العُثماني منذ القرن السادس عشر ثمَّ في بداية القرن العشرين ونتيجة الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية لجأَ العديد من الفلسطينيّين من المدن والقُرى المُجاوِرة إلى مدينتي رام الله والبيرة، ممّا زاد تعدادها السُّكاني بشكل كبير جداً،[٤] وبين عامي 1948-1967م خضعت المدينة للحُكم الأردني، وبعد النكسة وقعت تحت الحُكم الإسرائيلي لمدة 27 عاماً، وعانت من الإهمال الكبير حتى عام 1994م عندما نُقِلَ حكم السلطة الوطنيّة الفلسطينية إلى المدينة بعد توقيع اتفاقية أوسلو في عام 1993م التي أُعلِنَ بموجِبها أنّها أرض ألف، أي تخضَع لحُكم شبه كامل من قِبَل السُّلطة الفلسطينية، فأصبحت بذلك المقرّ المُؤقت للسُّلطة الفلسطينية.[٦] معالم رام الله تمتلك مدينة رام الله العَديد من المعالم التاريخيّة والسياحيّة العريقة، من أبرزها:[٧] البلدة القديمة: تضُمّ البلدة القديمة آثاراً عديدة تعود لعددٍ من الحَضارات والعصور التي مرّت على المدينة مثل الإفرنجية، والأيوبية، والعثمانية، وتبلُغ مساحتها 175 دونماً، وقد أُطلِقَت عليها العديد من الأسماء مثل: حي صلاة حنة، وخربة رام الله، وتضُمّ البلدة القديمة عدداً من الآثار، من أبرزها: مقام إبراهيم الخليل: يقع هذا المَقام في وسط البلدة القديمة، ويحمِل أهميّةً تاريخيّةً ودينيّةً كبيرة؛ حيث يعتقد أهل المدينة أنَّه سبب في حمايتهم، وتأثّرت عاداتهم بالخليل بشكل كبير. البرج الإفرنجي: كان هذا البُرج يُستَخدم بشكل أساسي لمُراقبة واستكشاف الأراضي الزراعية وتنبيه المُزارعين عند قدوم الأعداء، وهو يقع في حارة الشقرة، وهُدِمَ البرج في فترة قريبة بسبب تداعيه. المحكمة العثمانية: تأسّست هذه المحكمة عام 1902م على يد أحمد مراد الذي عيّنتهُ الحكومة العثمانية مديراً للناحية عندما كانت رام الله مركزاً لها في العام نفسه، وبُنِيَ إلى جانب المحكمة مركز للشرطة. محط المدافع: تعود هذه المدافع إلى عام 1834م عندما دخل المدينة إبراهيم باشا بن محمد علي باشا في حملةٍ عسكريّةٍ كبيرة، وكان قد وضع المدافع لغاية استعراض القُوّة أمام القوى الغربيّة والعربيّة والباب العالي على حدٍّ سواء، وقد قصفت هذه المدافع مَنطقة رأس الطاحونة، وبقيت في موضِع تصويب نحو المَنطقة لعدّة سنين. المعصرة أو البد: استخدم هذه المعصرة راشد الحدادين ومن معه، وهي تَعود إلى العصر الإفرنجي. خربة الطيرة: أو كما تُعرَف بكفر غملا، هي أرض تابعة لكنيسة الروم الأرثوذوكس الفلسطينية، وتضُمّ بقايا كنيسة ذات أرض فسيفسائية وقواعد وأعمدة محفورة في الصخور، تقع خربة الطيرة في الجهة الغربيّة من البلدة القديمة لرام الله، وترتفع مسافة 810 مترات عن سطح البحر. القرينعة أو الكرينعة: هي خربة تضُمّ آثاراً بيزنطية وإسلامية، وتمتدّ على مساحة 60 متراً مربّعاً، وتقع في أسفل مُنحدر يرتفع عن سطح البحر مسافة 571 متراً. خلّة العدس: تضُمّ هذه المَنطقة عدداً كبيراً من القبور الرومانيّة المنحوتة في الصخر، إلى جانب جدران قديمة ترجع إلى العصر الحديدي، وتقع في الشمال الغربي من كفر غملا. الكفرية: هي خربة تضُمّ جدراناً ومزرعة من العصر الإفرنجي، وتقع في أسفل مُنحدر، وترتفع عن سطح البحر بمسافة 560 متراً.
ألقينا الضوء على هذه المدينة العريقة لنتبين أي نشأت نشأها كاتبنا الأديب أحمد دحبور وهو من مواليد 1961م
من أسرة فلاحة من قرية بني حارث ومن أم شريفة صوفية تنتسب لآل الرفاعي التي تنحدر للهاشميين
كان من قياديين العمل الجماهيري والطلابي في الداخل والخارج والعمل السري والمسلح
زوجته السيدة مينة الجيلالي الوردكان
مسرحية وقاصة ومناضلة من أسرة مغربية عربية عريقة من سكان الدار البيضاء لاب مراكشي وام دكالية تنتسب لبني هلال العريقين حاصلة على لسنس في علم الاجتماع والفلسفة ومدرسة أولى في اللغة الفرنسية وحاصلة على دورات من فرنسا والمركز الثقافي الفرنسي بعمان تدرس اللغة الفرنسية
نعود للمشهد الطبيعي ل رام الله حيث
زهور النرجس والحبق والدحنون و الاقحوان فعبقت كلمات شاعرنا برائحة الزعتر والزيزفون وتلونت بشقائق النعمان والبابونج بألوان زاهية عكست البيئة القروية تارة والحضارية الكنعانية في نصوصه تارة اخرى
درس المعهد المتوسط للمحاسبة في الأردن جامعة عمان ومن ثم هاجر الى المغرب ليعين نفسه على أعباء الحياة درس اللغة العربية وبرع فيها في جامعة محمد الخامس له ديوان مطبوع وكتب كثيرة قيد الطباعة
كانت السوشال ميديا جسرا متينا لتعرفنا بهذا الكاتب الذي حمل الوطن هما على كتفيه فسجن عدة مرات
وابدع في التعبير عن شوقه للوطن وحنينه كما لم يبدع غيره من الكتاب اما عن نصه الذي نتناوله اليوم:
وهو نص يعبر به عن شوقه لابنته بيسان التي اغتربت لتدرس الماجستير في الادارة العامة والتنمية
وزوجته
وهو نص بعنوان( كيف أنسى )
إن كنا قد درسنا البيئة التي نشأ بها كاتبنا فعلينا أن نعلم ايضا ذلك الحب الذي يكنه لأسرته التي كافحت معه وساندته طيلة أعوام حياته فكتب شوقا لابنته و زوجته الجميلة خلال لقاء لزوجته وابنته في المانيا محط رحال بيسان للدراسة وقد استفزه الشوق وخنقته العبرات
وهذا بحد ذاته أمر نفاخر به فأسرة دحبور أسرة تقدس العلم والثقافة وتسعى لمزيد من التقدم دائما
أما عن النص الذي أتحفنا به الأديب الكاتب وقد أثار حفيظتنا بكلمة مفتاحية وهي كيف تساؤل اتبعه بكيف أنسى هنا كان جدا موفقا في هذه البداية التي اثارت فضولنا لنرى مالذي لن ينساه كاتبنا
فكان ميلاد الشوق أحب الكاتب زوجته لدرجة انه حتى وهي بعيدة عنه لم ينسى ميلاد هذا الحب والشوق بين يدي النبض حين انارت هذا اللقاء شمس المحبة وكان ميلاد أسرة دحبور الرائعة
وكما نعلم معنى الشوق:نُزوعُ النَّفْس إلى شَيْء أو تعلُّقها به
وهنا ايضا استعارة مكنية فقد جعل الشوق شخصا يولد صغيرا جدا ومن ثم يكبر ويكبر ليترعرع
وذاك الانتظار البغيض على حافة العصيان اذ جعل للعصيان حافة فصور لنا مشهدا رومانسيا
عاشق ينتظر على حافة نافذة امامه هوة من الفراغ الضبابي الذي لاينبئ عن قادم
فيقتل هذا الانتظار الاحساس بالزمن ويبعثر المشاعر
وهذا الوقت المعدم بالانتظار يرتشفه كاتبنا إي يمصَّه بشفتيه
و رشَف الإناءَ : اشتفّ ما فيه واستقصاه ولم يترك فيه شيئًا
إذا هو استنفذ الصبر للقاء لاتفارقه الروح فحب الكاتب هنا ليس جسديا بل روحيا ساميا تعلق بمن شاركته حياته ألمه وامله حزنه وفرحه وطابت بها نفسه
_كيف أنسى شمس عينيك
عاد ليخبر حبيبته الغائبة عن ناظريه الحاضرة في قلبه
وكانه اقرب للوعد من الخبر ليأكد بأن
عينيها الشمس التي تضيء له الصباح والدرب والحياة ويرى الامل منهما
شمس عيني المحبوبة تعلو شفتي شاعرنا بأشعتها النيرة فيبتسم لها متماهيا مع دفء هذا اللقاء
خطوات أنثوية تتهادى بتؤدة و تعلم مكانتها في قلب الشاعر فتمشي في دلال وغنج
فأي صورة يرسمها شاعرنا لحياة عابقة بالمودة والحب
هذه البسمات اعارها اجنحة لتتطاير بخفة
وقد اشرك عينيه بسماته في الاندفاع بخفة للقاء محبوبته
فنطق لسانه بالسلام قبل الكلام وهنا تريث تعقلا منه
منبعثا من نبضه عطر الخزامى وهو ابن بيئة قروية أشد من يعرف زهر الخزامى وعطره وسحره في القلوب ليفتح صحائف قلبها اي ليملك نبض قلب قد
تمرد على توقيت الهمس فشوقه الحالي وغيابها جعل هناك حالة من التمرد والعصيان للقاء مع كل هذا الحنين
وهنا يغتصب الكلام بالصمت ليعلن هذا الصمت ضجيجا وثرثرة لاتنتهي من الأحاديث بين الارواح التي تلتقي في غياب الاجساد محرقة عود بخور وهنا بلاغة ولا أروع فهذا الصمت يفوح عبقا بتواصل الارواح محبة وشغفا
نص رقيق باذخ في سلاسة نسجه فيه استعارات جميلة وكلامه سهل لايحتاج القارئ به إلى معجم
هناك الكثير من المفردات الخلابة التي أضفت على النص العذوبة والرقة مثل.’ راحتي النبض..ارتشف..يتربص..بخور الصمت..صحائف قلبك
لوحظت الدفقة الشعورية الكبيرة من اول النص إلى نهايته هناك توازن داخلي وموسيقا في تسلسل السطور والكلمات
دمت بحب وعبق الكتابة التي تحملنا بجناحين من شوق وحنين وشذا الخزامى إلى حيث السحاب لنلمسها من خلال نصوصك الراقية ومشاعرك السامية
فطوبى لهذه الاسرة النموذجية بهذا الاب الاديب والكاتب الشاعر العملاق
حفظ لك نجمتيك في سماء عينيك التي تحمل التفاؤل والأمل مشعلا لهما.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!