النقد بين الإبداع  والشخصنة/بقلم : محمد فتحي المقداد

الكاتب كما اتّفقنا سابقا هو (الشاعر والروائي والقاص والمفكر والفيلسوف.. إلخ)، يكتب أوّلًا لنفسه تلبية لرغباته وهواجسه، وفيضانه الإبداعيّ، ومن ثمّ هذه الكتابة لا يمكن  أن تبقى حبيسة الأدراج والملفّات، وبذلك هو يتوجّه بها إلى محيط قريب بدائرة محدودة، ثمّ إلى دوائر تحتلّ مساحات أوسع فيها الكثير من الجماهير، الجاهزة والقابلة لأن تقرأ وتستمتع.

وبذلك يكون  هذا المنحى هو الذي يرومه أي كاتب، الوصول إلى أبعد مدى من المتابعين، ويتردّد اسمه في محفل ونادٍ، ويكون بذلك قد ضرب عصفوريْن بحجر واحد، رسّخ اسمه في سجل الخُلود، ونال الشهرة والألقاب بما يُشبع نَهَمَه في وصول رسالته، وذلك ربّما يُرضي غروره.

هنا تتولّد مُعضلة الصّراع ما بين الاحتراف، وبعض الأكاديميّ، المُقَولَب  في أطُر النظريّات النقديّة الجاهزة، ذات مساقاتها الواضحة، فيحصل صراع خفيّ وأحيانًا يتطوّر للعلنيّ، على شكل معارك أدبيّة، تحت غطاء المحافظة على اللّغة، وكسر القوالب المُتعارف عليها، المعلومة للقاصي والدّاني، وعلى هذه الشاكلة تبدأ المُناكفات لتأخذ منحنًى صِراعيّاِ، ليأخذ  مسارًا شخصانيًّا مُتحوّلًا عن مُهمّته الأساسيّة، وبذلك تتضّح حقيقة الصّراع بين الكاتب الذي حلّق في سماءات الإبداع بلا حدود.

تبين أن ذلك مدعاة للتنافس على يكون في المقدمة، وهو مدعاة للتحاسد والتباغض الناتج عن الحالة الإبداعية عند اابكاتب، وربما تكلّسها عند الأكاديمي، وتنشأ حالة من الكراهية الخفيّة والمُعلنة، لتتحوّل إلى شخصنة بفجاجتها، وسيبقى الإبداع لا موطن له، والمبدع سواء كان هاويًا أم أكاديميًّا؛ فهو منجمٌ مقصودٌ لطلّاب الدّراسات الأكاديميّة لنيْل مراتب الشّهادات الجامعيّة العليا والأبحاث.

(من كتابي – كيف.. كاف.. ياء.. فاء)

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!