موسيقا البؤساء

لصحيفة آفاق حرة

موسيقا للبؤساء
خاطرة
بقلم. نجيب كيَّالي.  سوريا

أتمنى أن أكونَ ناياً أو كماناً
لأقدِّمَ رغيفاً من ألحان
للمحزونين
لقلوبٍ جائعةٍ للفرح.
لامرأةٍ عجوزٍ تعيش وحيدةً مع تجاعيد عمرها، وقلقِ الموت.
لبائعِ علبِ الكبريت المتسمِّرِ على الناصية، كأنه عود ثقاب!
لعيونٍ منكسرةٍ تحت الخيام
لا يمرُّ بها سوى غبارِ الذكريات!
لشاب صهلَ صوتُ الحرية في قلبه، فبصقَ في وجه القيصر، وهم يقودونه الآن إلى المشنقة.
لبلادٍ ثكلى سرقَ الطغاةُ منها سكانَها، وهي تئن شوقاً لوجوههم، لدفءِ أجسامهم، لحفيفِ أرجلهم على الطرقات.
لقطةٍ جالسةٍ وحدَها على حافةِ جدار.
لشجرةٍ يبستْ من الإهمال، وبقيَ جذعها فقط.
للموتى دونَ قبور!
للأحياء المتجمدين دونَ موت!
أعرفُ هؤلاء جيداً وأنا منهم.
لو صرتُ آلةً موسيقية
لعزفتُ لهم.. عزفتُ، وعزفت
سأمرُّ على المقاماتٍ كلِّها:
سيكاه، صَبا، نهاوند، نكريز، هُزام.
ومن أجلهم سأخترع مقاماتٍ جديدة.
سأقطِّع أوتاري في سبيلهم
أعرفُ أنَّ الموسيقا لن تكون خلاصَهم
لكنها قد تمنحهم لحظةَ سلوى
لحظةَ شرودٍ جميل
لحظةَ شعاعٍ يخترقُ القلب.
الموسيقا حبةُ مِشمِش
تتدحرج من السماء
فتلتقطها روحٌ معذَّبة.
*

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!