اللغة /بقلم :مها دعاس/سوريا

اللغة :
أي لغة تسكن سراديب الجرح
أي لغة تتوه في في صياغة الحروف لترقى لتغريبتنا ..؟
ماذا تفعل اللغة عندما يتسع الجرح و يضيق فضاء التعبير؟
كيف تصير نميمتنا و منمناتنا؟
كيف تخنقنا و كيف تحيينا؟
كيف تتباهى بصناعة ذاكرة تؤرخ لموتنا؟
كيف تخترق كل الحدود لتكفينا؟

الحدود :
الحدود بلا أجنحة و الطرقات عمياء
المسافات قناديل تضيء في ليل الغرباء
المدن رسائل لا تصل لترتق هذا الهراء بالهراء
كم ثقبا يلزمني أن أفتح في السماء لأنجو من أنين نبتة الصبار
في ليالي الحصار؟
كم يلزم آنية الفخار من قوة لتنجو من طقوس الوداع؟
كم يلزم أم من الغيوم لتنجو من قبيلة من الشهداء،من وجبات
الموت المعدة لوجبة الإفطار ،من رسائل الجدران المهجورة
للمقابر ،من أجنة معتقلة وأخرى قتلتها أنياب العزلة …؟؟

العزلة:
العزلة وحيدة إلا من الغرباء
من العاطلين عن الحياة ،المتعبين كسقف مل التحديق في السراب
كمرايا النسيان في ظلال كتب مهجورة
كتوغل الغياب
كذاكرة انتقائية يحملها الهاربون كتعويذة نجاة

الهاربون :
الهاربون من كارثة الموت إلى كارثة الحياة
يشبهون لوحة للخط العربي لاتقرأ
كمخلوق قادم من سحر الشرق و ليالي ألف ليلة و ليلة
كمخلوق متمرد من عصور حجرية
ككائن أليف يروض في محميات غربية
كطائر حر في أقفاص فضية
عارية أرواحهم إلا من هذا الوقت المستقطع في معانقة الفراغ
لصدى الصمت ،لخوف الغرباء يرددون أسماءهم
تمطر عيونهم الفراغ غيمة ،غيمة

الغرباء:
ماذا يفعل الغرباء؟
يجيدون الغربة مثل خيمة لاجىء مقهورة
حصاد حياتهم حقيبة سفر
مبكرين يستيقظون في الصباحات الباردة
يتسارعون لتناول حصتهم اليومية من الفراغ

الفراغ :
الفراغ به يقلمون مخالب مخالب العزلة و بالاستعارات و الكنايات
يتلظون خلف جدران المجازات
خلف كلماتهم تتوارى نداءات خجولة
تكتب بنصف حياة
يرتبون الإنتظار و يحترفون الشوق

الشوق
يبدو العالم فارغا من البشر عندما يشتاقون
يبدو ضئيلا عندما يسكنهم يأس التأويل والاجتهاد
يزورون الوطن من عيون قصيدة حبلى بالانتظار
من صوت ناي
من لوحة سريالية
من أغنية
ومن معانقة الصور
يصارعون ظلال الأمكنة كعصافير بنت أعشاشها على أغصان مكسورة
في غابات تنمو خارج المألوف يطيرون بنصف جناح
بنصف حياة منسية خارج الوقت يعلقون الأسئلة على بوابات التأويل
لتحملهم الرياح كقشة حيث تشاء
تلفظهم العواصم كفطور سامة
كسلالة خرافية من البشر الغرباء
يتساءلون في شوارع أهلها من ربوتات “ماذا لو؟”

ماذا لو :
ماذا لو نبت للحكاية ألف يد عنكبوتية ؟
ماذا لو بدلت الحرباء جلدها ؟
ماذا لو سارت الفصول نحو الوراء؟
ماذا لو لم يكن الضوء سوى وهما علميا؟
ماذا لو كانت مدينة أفلاطون حلما طوباويا؟
ماذا لو نسينا هنا “نحن الغرباء” كورقة تساقطت ذات ربيع مسروق ؟
ماذا لو صرنا خارج الزمان؟
ماذا لو آلت الأحلام إلى لاشيء ؟؟؟؟

الأحلام:
تلك التي تقع عند أعلى قمة للحياد
المسافة بين الغريب و انعكاسات الحياد :
وطن يحترق ورماد
المسافة بين الغريب و اننعكاسات الحياد
الوقت و انفراد بصياغة الانتظار جرحا ، جرحا
المسافة بين الغريب و انعكاسات الحياد
أحلام من لازورد و إيمان لا يموت
ضوء من حق لن تقتله وحشة الليل و تجاهل الكون لنبوءة الحياة …
……

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!