حُرُوفٌ في نُزهتِهَا اللّيلِيّةِ/ بقلم : بله محمد فاضل

على هيئةِ أكوانٍ
أسِيرُ نحوَكِ أيتها النّابِضةَ

أنامُ والأحزانُ على أصابِعِي
تعزِفُ أُغنيّةَ الأنهارِ

لا أزهارٌ على فِراشِ الغرِيقِ، أو حتّى شبحِ اِبتِسامةٍ لِحِلمٍ يتخفّى جُلُّهُ في رملِ الذّاكِرةِ

يظلُّ شأو شُرُودِي شاهِقاً
حتى يُجفِّفَهُ المِدادُ بِجسدِ الصّحائِفِ

الفنُّ يستظِلُّ بِالدِّينِ عمُودُ كُلِّ الظِّلالِ

لا تربُط غابةً بِظِلِّكَ
فتتسلّى القُرُودُ في أزِقّتِكَ الخرِبةِ

أشربْ
كُلُّ جُرعةٍ من لبنِ المسافةِ
مسمُومةٌ أيُّهَا الغرِيبُ

المشهدُ المُكتمِلُ على الفِراشِ النّظِيفِ
لِرجُلٍ اِمتطَى أغلبَ النّهارِ لِسحقِ المساءِ بِالنّومِ

من دُولابِ الزّمنِ
يستعِيدُكَ تِرسٌ أضاعكَ
بينما أنتَ تُهروِلُ في الخرائِطِ

كُلُّ النّوايَا صائِرةً إلى الطُّفُولةِ
لِأنّهَا تكبُرُ ضِدَّ قانُونِ الزّمنِ

الخوفُ رُكنٌ يتجرّأُ على أركانِ النّفسِ
ويقبِضُ فوحَ أزهارِهَا فتذبُلُ

أيُّهُمَا يُفضِي إلى الأخرِ، أيُّهُمَا أوقعُ
الحُبُّ بِالشّعرِ أم الشِّعرَ بِالحُبِّ؟

من تضارِيسٍ ملغُومةٍ بِالهشاشةِ
أعبُرُ بحرَ النّارِ إلى أُخرَى شدِيدةِ الاِتِّضاحِ
قبلَ المُنعطفِ الأخِيرِ

قالتْ:
شامِخةٌ أرعَى القصائِدَ في حُقُولِ أحاسِيسِي بِانتظارِكَ
وما يُبرِقُ حولِي حُرُوفٌ في نُزهتِهَا اللّيلِيّةِ
نبتتْ إِبّانَ تمايُلِهَا الغواياتُ من كُلِّ لونٍ

أنفشُ ريشِي على الأسَى
كي أُحطِّمَهُ وأحُطُّ بِجَناحِي عليهِ

أستدِينُ لِصوتِكِ صلاةً
أُغنيّةً رفِيعةً من أرفُفِ الرُّوحِ
تعالِي
ما جدُّكَ في هزلِ الكُونِ، جدُّكَ الطُّرفةُ، فهل لِابتِساماتِ القلبِ في أوجِ الأسَى سِوَى جدِّكِ؟
أعرِفُ أن البحرَ بنطالُكَ، ترسُمِينَهُ فيُرمِّمُ موجَهُ الغِناءُ
أعرِفُ
ومعرِفتِي حُجّةُ جهلِي عليّ
يسِمُنِي الاِتِّزانُ بِالخِفّةِ
أعرِفُ
فأسفلَ كفّتِهِ أخفيتُ ثِقلِي

هكذا تغمُرِينَ نوافِذَ اللّيلِ بِابتِسامِكِ
فيخُشُّ ضوءُ الوردِ لِعِناقِ عبيرِكِ

لا احتمِلُ اﻷنَ اِحتِمالِي
أحمِلُنِي في عُلبةِ الصّمتِ إلى زهرةٍ لا تذبُلَ
ألهُو بِشجرِ أشجانِي ويُطرِبُني المحوُ..!!

تجتاحُ الوردةَ حقِيقةُ أنك منذُ نجوتَ
عقِيمٌ مِنكَ..!!
ولكن
ما الجدوى من غَرقِكَ في ترمِيمِ حدائِقَ شاسِعةً
يغمُرُها العُقمُ..!!

العالمُ يتقشَّرُ جرّاءَ نهبِ لُصُوصُ الحياةِ لِلسَّابِلةِ

الحياةُ تُعبِّئُ أورِدةَ الموتَى بِاﻷرِيجِ

الرَّونقُ يموِّهُ مَلامِحَهُ ويهجُوهَا قبل أن يتلاشَى من العالمِ…

كيف اِستدارتْ جِهاتُكَ
فيما أنتَ جِهةٌ لم تلقّفَهَا بوصلةٌ
فاِستقرّتْ بِغيابةِ الجِهاتِ
وأضحتْ خلاءٌ..!!

تغرِسُكَ الصُّورةُ في ريقِ اﻷلوانِ
فتنسابُ اللُّغةُ المجنُونةُ
عُرساً لِلضّوءِ

خُذنِي يا شجنَ الإيقاعِ إنّي رُوحُ الطّائِرِ في زهوِكَ

أُوشِكُ أن أقترِبَ إليّ إنّ لم أُضلِلُّنِي
فيكِ

ندهنُ شجرةَ النّوايَا بِرائِحةِ العصافِيرِ اﻷتية من القصِيُّ
نُلوِّنُ اللّيلَ المُستلقِي في كفِّ الموتِ الوحِيدةِ بِشُحُوبِنَا المُرتّبُ
نصعدُ يصعدُ فيلقانَا في أخيلتِهِ الهارِبةِ من أوتارِهِ…
إنا فواصِلُ المداراتِ لا نحيَا ﻷنا أثرٌ
لا نرتكِبُ الموتَ ﻷنّهُ نشِيدُنَا المثقُوبُ لِلبقاءِ….

أخرِجنِي من سؤُالِكَ أيُّهَا الشّكُّ
أنا محضُ لافِتةٌ مَقلُوبةٌ..!!

يلتفُّ بيّ الشُّحوبُ
كأُغنِيّةٍ مسرُوقةٍ من مقبرةٍ..!!

ما معنى أن يغمُرَ عطرُكِ رُوحِي
وأنا لم ألتقِكِ بعدُ؟

رِهنُ مِروحةُ الزّمنِ، رِهنُ رقصةِ الحياةِ
بِساقِينِ ضالّتينِ نُضلِّلُ الحربَ والموتَ
نُزلزِلُ الإنصاتَ لِلوراءِ
إنا ننسُجُ لِدائِرةِ الوُجُودِ من أجسادِنَا الرّبِيعَ
ثم نتغلغلُ بِأرُواحِنَا الشّارِدةَ في المتاهةِ

لن أُكمِلَ هذا الشّارِعَ إلى حيثُ الضّوءِ يُلوِّحُ هُناكَ، لقد وصلتْ

مَحضُ قَلقٍ…
———–

ينظُرُ
ما مِن ماءٍ يتأمّلُ الماءَ
ولا اِفتتنتْ بِالإِيماءِ زُهُورٌ
أو شَرعَ في ضمِ جُثّةٍ مُبعثرةٍ
-حذا توتُّرٍ مبثوثٍ بِالزّوايَا-
نورسٌ رسّامُ
غادرتْ فِتنةُ الإيابِ الحُضُورَ
يا
يا ليلُ
يا ليلللللللللل
يــــــــــــــــــــــــا ليلُ
غرِدْ على أغصانِكَ بِفردِ الإعتامِ
وأنظُرْ:
يدٌ في دمِكَ تنسابُ، لِسانٌ يتدلّى بِقلبِكَ، خفقاتُ وجدٍ ظامِئٍ
وأنظُرْ:
نزقٌ يحُلُّ ضفائِرَهُ، يطِيرُ إلى زهرةٍ تتسلّى في الخباءِ، تتفتّحُ بِلذّةٍ مُستترةٍ، وتنهضُ على أعقابِكَ
يا
يا ليلُ
غادِرْ زُرقةَ الكِناياتِ إلى شرنقةِ الجساراتِ
وإلى الأعالِي
مُنفرِداً
ومُستنِداً بِقدميكَ على قبضةِ الرِّيحِ
تُفلِّتُكَ من دُغلٍ لِتيّارٍ
يا
يا ليلُ….

قِـــــلادة
———

دعْ نصلَ يراعِكَ بِغِمدِهِ
وجرِّدْ زهرةً لِرسمِ حُجّتك
زهرةُ الرُّوحِ تُلوِّنُ بِالإِيماءِ والأريجِ
جُلَّ فِكرتك
وأهجِسَ بِالزّلّاتِ وحدكَ
لِينظُرَ النّاسُ سَوِّي فِطرتك
وذا ليسَ بِالزِّيفِ
وإِنّمَا
مُقابلةَ سِواكَ بِما تُحِبُّ
أن ينعتك

شارِعٌ ذاهِبٌ في شِرعتِهِ
—————-

على حِينِ غِرّةٍ يتذكّرُ المرءُ أنّهُ نسِي يدَهُ في الشّارِعِ فيخرُجُ على عجلٍ من شرنقةِ البيتِ دُونَ قدميهِ ويلحقُ بِقطارِ الأنفاقِ تحتَ الإِنشاءِ بِتذكِرةِ ذهابٍ فحسبَ ويعُودُ بعدَ قلِيلٍ في حالٍ يُرثَى لهُ مُمسِكاً تحتَ إِبطيهِ أُذنيهِ زاحِفاً على رأسِهِ…

خاطِرٌ
—–

لأجلِ الماءِ
ها قد قُلتُ:
نعم

لما رُحتُ
أُفتشُّ بعضَ الماءِ
فكان:
لغم

أن الماءَ
إذا ما هلَّ
ابتلَ هزيعُ النفس:ِ
نغم

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!