مريم تنتظر القمر في درب التبانة/ بقلم : مها قربي

مريم تنتظر القمر
في درب التبانة….
تتجول مئات الكواكب والنجوم
ترحل في المساءات الصيفية
تعرض بضاعةً مسجاة لبريق
مبهر اللمعة
في درب التبانة……
أحلام تتراقص مثل فراش يلاحق النور …غير آبه باشتعال
في درب التبانة …..
تتوالى خيالات الأحلام دانيةً
على مقربةٍ من رغائب القلب
يشي أقلها بأكثرها ..
بعض أحاديث ليلية ،
قبلاتٍ ناعمةٍ،
آهاتٍ تخفي أسراراً.
في درب التبانة …
يرحل الحالمون والغافلون والتائهون ..
على أجنحة الفراشات المحترقة
يقرعون جدار الصمت بخفة .
في الليل عند سقوط أول شعاع للنور…
تنتفض الظلمة رهباً ..
تحاول اجتياح المكان .
ثمة شاعريكتب عن صبايا
تحلم بليلة الزفاف ،
عن حب يهيج بشهوة .
ثمة امرأة ٌتصغي لصوت جياع ..يتخفى وراء ستار حياء مفلس .
يهرب الوجع الى داخلي ..
يتحول نشيجاً وأنيناً ..
يوحي بكلام أخرس .
ُأحسني انكشفت ….
وحدهم السكارى ومتعاطوالأحلام
الرخيصة والمتخمون من الترف
يمارسون رقص الحبارى .
وهم يتقاسمون الغنائم ..
ويدغدغون خصور المو مسات
ويفتتحون مزاد القمار .
ضحكاتهم أشبه بصهيل خيل
تواجه اشتعال النار …
وأصحاب العضلات المستعارة
عند العتبات يرقبون حراك التمرد
لينقضوا على شباب مراهق
ليحولوهم إلى كرات من ريش .
في العتمة ألاحق ظلي
أفتح شباك الغرفة
على لبلاب يتسلل قسراً
يفتح الطريق لكل الحشرات
لتمعن بالفتك ..
أغلق مسرعةً
أتذكر
إن علوَّالأسوار يأتي من انخفاض الأرواح .
بعض خيالات تتمطى …
رجل يتمدد.. شاخصةٌ عيناه .
بللور النافذةالمكسور يلوي
شعاع النور المتسرب
يختلس النظر الى الأشياء .
تعبر نسمةباردةٌ ..تصفعني
توقظني من وَهلِ العتمة
تمنحني هدوءاً وسلاماً
أرفع ذراعاي..أستنشق كل هواء الغرفة
تعبأ رئتاي بحميم زفير
يرحل نحو الأعلى ……
في فضاء التبانة .
حيث النجوم ترسل
رسائل عشق للأرض متحديةً
بطء النت .
أقف أمام البللور
أحرر ضفيرة شعري من قبضةشريطة.
يتسلل النسيم عليلاً
أشعر بالانتعاش …
وأني سابحة بين الأرض وبين السماء
أجوب بنظراتٍ متمردةٍ..
أنحاء الغرفة .
سرير تسكنه الفوضى
منضدة …كرسي
مصباح …أوراقُ مبعثرةًوكتاب
عن (حالات العشق الأربعين )
أرتمي على الكرسي مثقلة،
بآلام مبهمةٍ
أتململ متنهدة …أسأل
هل حالتي واحدة منها ؟؟؟.
أتنهد :فلسفات كثيرةٌ تعبرني
عن الحب والحرب
عن الحرية والقتل
عن الفضاء والكون
الحب في بلادي مثل الياسمين
لايعيش داخل البيوت ذات الأبواب المغلقة.
يتنفس في الشوارع العريضة
حيث الشمس والهواء الطلق .
العشاق كما الطيور لايحتملون الأسر .
حين غادر ..
لم يترك سوى قفل وحيد صدئ
وقبضةٌ على شكل يد
تهتز حين يقرعها ….
القفل هادئ تماماً .
منذ رحيله ..
لاشيء يثير الضجة.
حين تسلل الضوء ..تحسست جسدي …قبلاته المنهمرة تمنحني نشوة الحضور …
كلماته تغري أنوثة يهدرها الوقت.
(من دون عينيك لن يكون للربيع زهر .
ولن تعانق نجمة الصبح القمر
ازرعيني في حضنك حقل أقحوان
أيتها الخزامى الباسقة
تعالي أضمك إلى صدري
وأعلن أن الربيع أتى
أنت وطني وأنا آخر وطن تلجئين
إليه ..)
لم تكن كلماته مجرد قصيدة ٍ حالمةٍ
تركض وراء حرفٍ أوفاصلة
لم تكن ابرة مخدرٍ لأحلامي الصغيرة والكبيرة
كل شيء يعيدني إليه
كل شيء يبقيني فيه
لقد اعتدت وجوده معي
والعادة نوع من الإلفةً
تمتص الألوان لتجعل منها
لوناً واحداً…
يشع في دائرة الضوء
مؤلم هو الوقوف عند الحافة
مؤلم هو الانتظار
مؤلم العمر الزاحف كسراب
يعانق عمراًهزمته العزلة
خلف الجدران .
كان يردد :أيتها السيدة العزياء
ياسيدتي ..يا أندلسي المفقودة
ما من مسافة بين اليد وبين القلب
وحده النبض يتنزه بينهما بايقاعٍ متواتر ….
مامن مسافة بيني وبينك .
-عندما يصبح الوقت فتاتاً هل من الممكن جمعه ليكون زمناً ينتمي لحاضرٍ أو ماضي؟؟
-عندما ننتمي لآلامنا نتوحد معها
دون شركاء آخرين
-عندما نكون معاً نتقاسم وارف الأحاديث عن أيام لم تأت وأحلام مستحيلة .
-ليس من حقيقة الآن غير أنك
لم تعد موجوداً ..
ربما حين تعود سيكون لنا حياتنا الطبيعية .
أذهبُ نحوك بتوقيت الخطى
وتأتي إليَّ بمواعيد الأمان.
عندها سوف نحزن كالآخرين
لأشياء شخصيةٍ خبأتها عناوين كبرى .
فلاننتبه لنزيف الجروح الصغيرة فينا .
-كم أتمنى أن لايموت أبناءبلدي إلا من الشيخوخة .
-يبدو أن الطامعين سرقوا كل شيء حتى الشيخوخة .
-لابأس لنحاول من جديد …
-سنعيد ترتيب الأشياء الجميلة
مرة أخرى لتتلاءم مع الجغرافية الجديدة للزمان والمكان
-المهم أن لانفقد الذاكرة
-المهم أن تبقى الحناجر بعيداً
عن الخناجر ..
(رغم كل هذا أَصرَّ على الرحيل .)
سؤال داربخلدي حين أخبرني
بذلك .
-ماالذي تبحث عنه في فضاء التبانة ؟؟
-الحرية
-وعلى الأرض ؟
-الحرية
-وهل تعرفها؟
-أحبها
-كيف تحب ما لا تعرفه ؟
-لابد نلتقي ذات يوم .
فتحت الكتاب ….
في البسملة الأولى ….اقرأ
وعي يفصل بين العقل وبين العتم
عندما كنت صغيرةكنت أخاف القمر
أحسب أنه يلاحقني حين أمشي وأتحرك
أمسك بيد أمي وأشد أبي
يقول أبي :لاتخافي القمريتبعك لأنه يحبك ..
وتقول أمي :إنه ملاكك الحارس
-ولكنه يغيب أياماً هل له حبيبةٌغيري ؟؟!
-لا …يذهب ليحضر لك الهدايا …
من يومها وأنا أنتظر أن يطل القمر
أ طيل النظر إلى السماء بحب
-في البسملة الأولى :وعي
اقرأ ..انظر ..اسمع
افتح قلبك للنور
المعرفة ضرورة للحب
المعرفة حضور
غادر أطراف أصابعك
أنظر أبعد من أنفك
اطلق روحك من جسدك
لتشف كحلم
حلّق…بجناحين كما الفرناس
جدك حلّق ..جدك ..طار
أنتظرك .
وحدها جوليا دومنا بقيت صامدة
في وجه الريح
تزرع بيارات العطر
أكاليلاً من غار
وحدها في ديجور الليل
تلقي تحيتها
تتفقد نجوم التبانة
لتتأكد :أن لا أحد حزين ..
القمرينير درب التبانة في حضرتها
وتلقي الشهب نيازك
تستقبلها
الأرض تستعر بنور الحضرة
والبؤر المشتعلة في كل مكان
القادمة من أفق الشرق
تحمل مشكاة النور
والأرض تدور
والقادم ينتظر تأشيرة عودة
أو جسر عبور
قبضة الباب الصدئة
تنتظر أجراس العودة أن تقرع
وجوليا تحم

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!